عجّلت الحرارة الكبيرة التي ميّزت اليومين الماضيين ببداية موسم الاصطياف قبل موعده، وشرعت العائلات في غزو الشواطئ على طول الساحل الجزائري، للاستمتاع بنسمات الأزرق الكبير في صيف بدأ ساخنا جدا. رغم أن موسم العطل لم يبدأ بعد بالنسبة للكثيرين، على اعتبار أن أغلب العائلات تؤجل عطلتها السنوية إلى ما بعد ظهور نتائج الامتحانات، إلا أن الحرارة المرتفعة التي سادت نهاية الأسبوع حولت الجميع إلى الشواطئ للاستمتاع بنسمات منعشة في العديد من ولايات الوطن. فبالعاصمة، عرفت الطرقات المؤدية إلى الشواطئ على غير العادة ازدحاما كبيرا يومي الجمعة والسبت، منذ ساعات الصباح الأولى. ورغم حالات القلق التي بدت على السائقين ومرافقيهم، إلا أن التعب سرعان مازال عند بلوغ الشاطئ ومعانقة الأمواج الباردة، على غرار عائلة السيدة كريمة، أستاذة في التعليم الثانوي، التقيناها بصدد انتظار دورها لتعبئة البنزين في طريقها إلى شاطئ القادوس. تقول محدثتنا التي كانت مرفوقة بثلاثة من أبنائها دون زوجها المتواجد في مهمة عمل في ولاية أخرى: ''لم يسبق أن قصدت الشاطئ دون زوجي، غير أن هذه الحرارة المرتفعة لا يطفئ لهيبها إلا البحر، ويستحيل معها البقاء في البيت''. تقاطعها ابنتها التي بدت عليها الفرحة لتقول: ''لا أصدق أنني سأقصد البحر بعد أشهر من الجهد والتعب من التحضير لشهادة البكالوريا في شعبة علوم الطبيعة والحياة، سأقصد البحر لأتخلص من التعب وأترك القلق والخوف خلفي ليبتلعها البحر''، تقول ضاحكة. وفي سكيكدة، أخرجت الحرارة المرتفعة التي ميّزت اليومين الماضيين العائلات من بيوتها صوب الشواطئ. فعلى امتداد سواحل روسيكادة، بدءا من المرسى شرقا إلى تمنارت غربا، غزا عدد كبير من الشباب والعائلات الشواطئ لينعموا، ولو قليلا، بلطافة الجو بعيدا عن درجة الحرارة العالية التي بلغت حدودا قياسية. وبدت معظم شوارع وأزقة البلديات خالية من المارة لساعات طويلة، حيث فضّل الجميع الاستمتاع بزرقة المياه وظلال أشجار الغابات، خاصة أن الأطفال في عطلة. وبالمقابل، شهدت مختلف الطرق المؤدية إلى الشواطئ طوابير طويلة من السيارات تحمل أرقاما مختلفة لعدة ولايات، في الوقت الذي ضاعفت فيه مصالح الأمن والدرك الوطني نشاطها للحفاظ على سلامة المواطنين. وتزامن هذا مع انتهاء التلاميذ من إجراء الامتحانات النهائية، حيث هربت العائلات من المنزل نحو الشواطئ دون تردد، فرادى وجماعات، للتمتع بنسمات باردة بعيدا عن حرارة البيت التي لم تستطع حتى مكيّفات الهواء التقليل منها. وبدت مختلف الشواطئ مكتظة بروّادها، على غرار سطورة، جان دارك وعين دولة بالقل. وليس بالبعيد عن هذا الشاطئ، اكتسحت العائلات الوافدة من المدن الداخلية للوطن، على غرار سطيف، باتنة، قسنطينة، شاطئ عين أم القصب الذي مسته أشغال التهيئة مؤخرا، حيث صار صعبا على العديد من العائلات بلوغه بسبب الطوابير الطويلة من السيارات، في الوقت الذي فضّلت فيه عائلات هذه المدن التنقل مشيا على الأقدام بسبب الضغط الكبير. وامتلأت الشواطئ عن آخرها بالمصطافين منذ الساعات الأولى لعطلة نهاية الأسبوع، حتى أصبح من الصعب إيجاد مكان فارغ لنصب الشمسيات، وقد مس هذا الإقبال حتى الشواطئ الممنوعة مثل ''تمنارت'' التي شهدت هي الأخرى اكتساحا كبيرا للشباب، رغم الخطورة التي تشكلها على مرتاديها من الشباب الذين فضلوا المجازفة في هذا الشاطئ على الاستسلام لحرارة الجو العالية التي أخرجت الكثير من الشباب والمراهقين من بيوتهم.