''تمخض الجبل فأنجب فأرا''.. هذه العبارة التي يمكن قولها بعد الإعلان الرسمي للفاف عن المدرب الجديد للمنتخب الوطني، البوسني وحيد حاليلوزيتش، خلفا لعبد الحق بن شيخة المستقيل. عاش الجمهور الكروي الجزائري في المدة الأخيرة على أنغام التصريحات المغرية للمسؤول الأول على شؤون الكرة في بلادنا محمد روراوة، عندما وعد بجلب مدرب كبير له سمعة عاليمة وتجربة واسعة في المحافل الدولية، غير أن الدهشة كانت كبيرة أمس عندما تم الإعلان عن اسم المدرب الذي كان حديث العام والخاص في الجزائر بعد استقالة بن شيخة، إلى درجة أنه حتى الأطفال بدأوا يتكلمون عن مدربين من طراز ليبي، باريرا.. وغيرهم ليتفاجأوا في الأخير بمدرب أشرف على منتخب واحد في مشواره التدريبي الذي باشره سنة 1990، وهو المنتخب الإيفواري، مكتفيا بتحقيق نتائج أقل ما يقال عنها إنها متواضعة جدا، بالنظر إلى تعداد تشكيلة ''الفيلة'' في عهده، ويكفي ذكرنا لنجم تشيلسي الإنجليزي دروغبا، بدليل أن التشكيلة الإيفوارية بأرمادة لاعبيها المحترفين سقطت في مدينة كابيندا الأنغولية أمام كتيبة الشيخ سعدان في الدور ربع النهائي لكأس أمم إفريقيا لعام 2010، وهي آخر مقابلة للتقني البوسني وحيد حاليلوزيتش على رأس المنتخب الإيفواري. الفاف التي أوهمتنا في المدة الأخيرة بأن منتخبنا الوطني سيشرف عليه مدرب عالمي، حددت للتقني البوسني الذي دخل التاريخ الكروي الجزائري أو بالأحرى التاريخ الجزائري برمته لأنه سيكون أول أجنبي سيتقاضى مبلغا خياليا بالعملة الصعبة، هدفين اثنين وهما التأهل إلى كأس أمم إفريقيا لعام 2013 والتأهل إلى مونيدال 2014 بالرازيل، وهما هدفين تم تحقيقهما من قبل تقني جزائري خالص، وهو الشيخ رابح سعدان الذي أهل الجزائر إلى كأس أمم إفريقيا لعام 2010 بعد غياب عن دورتين فارطتين وأهل الجزائر إلى المونديال بعد غياب دام 24 سنة، ليلقى بعدها ''جزاء سينمار'' رغم أن أجرته الشهرية لم تتعد 120 مليون سنتيم، أي 5,1 بالمائة من القيمة التي سيتحصل عليها التقني البوسني. الفاف التي اتفقت مع التقني البوسني منذ قرابة أكثر من أسبوعين، زادت في الطين بلة وأجلت الإعلان عن اتفاقها، لتفتح المجال للسماسرة وللصحافة بأنواعها لتغذية الساحة الكروية بأسماء مدربين من مختلف الجنسيات. الجميع آنذاك انصاغ وراء هذه الزوبعة، حيث حاولنا إقناع أنفسنا بأن الفاف ورئيسها الذي يملك الجاه في الكونفدرالية الإفريقية وفي الاتحادية الدولية التي يشرف عليها السويسري جوزيف بلاتير، بصدد تحضير مفاجأة ستسكت أفواه المنتقدين، ولاسيما أن المسؤول الأول على الكرة في بلادنا، خرج ''طاي طاي'' إزاء المدرب الجزائري، محملا إياه كامل المسؤولية في النكسات التي عاشها المنتخب الجزائري بما فيها زلزال الشلف عام 1980، لنجد أنفسنا أمام اسم عادي جدا حتى لا نقول متواضعا لأن البوسني الذي نجح في كل الفرق التي دربها في السابق (حتى وإن كانت فرق فرنسية متواضعة بما فيها باريس سانت جرمان مقارنة بفرق عالمية الريال، برشلونة، ليفربول...) قاد منتخبا واحدا في مشواره ولم يتوج معه.