لا تزال وجبة المقطفة تفرض نفسها سيدة على مائدة العائلات القليعية في ولاية تيبازة، ورغم تراجعها أمام الحريرة والفريك وحساء السمك، إلا أن العائلات العريقة لا تزال تتمسك بها، بل لا تستغني عنها. فمن عهد الأتراك الذين استوطنوا مدينة القليعة فشربة المقطفة ظلت لصيقة بمائدة رمضان، وهي عبارة عن شوربة تقليدية تصنعها النساء بأناملهن من خيوط العجين الطازج. تجتهد النساء بأحياء متفرقة من مدينة القليعة طيلة شهر شعبان في المحافظة على تقاليد متوارثة عن أجيال خلت. وبالنسبة لشهر رمضان، فإن تحضير شربة المقطفة يأتي ضمن الأولويات، حيث تروي السيدة نصيرة زرقة أن المقطفة هي أساس نكهة المائدة الرمضانية، فبعدما تنتهي النساء من تنظيف منازلهن أو ما يطلق عليه محليا ب''النقيد''، منتصف شعبان. تنظم نساء الأحياء العتيقة ما يعرف ب''القعدة الشعبانية''، حيث يتفقن على تحضير العجين ويلتقين طيلة شهر شعبان في البيوت التي تحتوي على ''وسط الدار''، فيباشرن الحكايا موازاة مع اشتغالهن بصنع شعيرات دقيقة من العجين بسرعة وتفان في ترقيق خيوط العجين ''الحربوش'' بين أناملهن، ولا تمضي القعدة حتى يتمكن من صنع أكبر قدر ممكن من المقطفة التي تشبه ما يعرف حاليا بشرة ''فارميسال''، حيث توضع الكميات المصنوعة يدويا تحت أشعة الشمس لتجف، ثم تحفظ في علب من الزجاج والطين، كباقي البهارات والحبوب التي تحضر لأيام الصيام أو ما يعرف ب''الحرور''. وعندما يهل رمضان، تقول السيدة بورحلة دليلة، فإن ربات البيوت، يستخرجن كميات من المقطفة المجففة ويحرصن على طهيها ممزوجة بالخضار الموسمية خاصة بالجلبانة والقرنون، ويشترط تحضيرها في قدر من الفخار وفوق الجمر، وهو ما يمنحها نكهة لا تضاهيها وجبة أخرى. ورغم تقلص العائلات التي تتمسك بهذه الأكلة الشعبية العريقة، إلا أنها بدأت تتراجع بسبب وفاة العجائز اللواتي يتقنّ صنعها ونفور بنات اليوم من تحضيرها، حيث يقتصر تحضيرها في عصرنا هذا على البنات الماكثات في البيت فقط،أما الطالبات والعاملات فيجدن ضالتهن في الفريك والحريرة. ورغم ذلك، فإن كبار السن لا يرضون بمائدة خالية من المقطفة. ولهذا، فإن بعض العائلات تخصصت في إنتاجها وبيعها تحت الطلب فقط، حيث يصل سعرها حاليا إلى 300 دج للكلغ.