يضغط نواب وأعضاء في مجلس الشيوخ الفرنسي من جديد على الحكومة الفرنسية لاستغلال مناسبة مرور نصف قرن على استقلال الجزائر عن فرنسا، لترسيم تاريخ 19مارس الذي يصادف اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش الفرنسي وجيش التحرير الوطني، يوما لتذكر القتلى الفرنسيين في حرب الجزائر بدل 5 ديسمبر المعتمد حاليا من قبل الحكومة الفرنسية. وجه عضو مجلس الشيوخ الفرنسي عن كتلة الاشتراكيين ''فيليب مادرال'' سؤالا شفويا لكاتب الدولة لدى وزير الدفاع المكلف بملف قدماء المحاربين بتاريخ 27 جويلية الماضي، يخص إمكانية استغلال إحياء الذكرى الخمسين لانتهاء حرب الجزائر -حسب الاصطلاح الفرنسي- لاعتماد يوم 19مارس كتاريخ لتذكر القتلى الفرنسيين في حرب الجزائر ومعارك تونس والمغرب الأقصى. السؤال الجديد ليس الأول من نوعه على مستوى غرفتي البرلمان الفرنسي، رغم رفض الحكومات الفرنسية منذ فترة حكم جاك شيراك لهذا المطلب، الذي يعبر أساسا عن رؤية اتحادية قدماء المحاربين في الجزائر والمغرب وتونس ذات التوجه اليميني والمقربة من الأقدام السوداء والحركى. وتساءل السيناتور ''غي فيشر'' الناشط في الجمعية، في سؤال مماثل، إن لم يكن من المناسب أن تشارك السلطات الرسمية والعسكرية الفرنسية ومسؤولي المقاطعات والأقاليم في الاحتفالات والتظاهرات غير الرسمية التي تنظم سنويا بالمناسبة منذ 44سنة من قبل جمعيته. وعلى مستوى الجمعية الوطنية -أي الغرفة السفلى من البرلمان الفرنسي- تراكمت الأسئلة بخصوص هذا الموضوع سواء من نواب اليمين أو اليسار، حيث تم طرح ما لا يقل عن 27 سؤالا ذا صلة بالموضوع، بحيث اقترح نائب النائب الاشتراكي ''جون لويس ايديار'' في سؤال مشابه مؤرخ في 26 جويلية على كتابة الدولة الفرنسية اعتماد تاريخ 19 مارس للاحتفال بنهاية حرب الجزائر، مع الإبقاء على تاريخ 5 ديسمبر المخصص لتكريم الذين قتلوا في صفوف الجيش الفرنسي خلال الحقبة الاستعمارية. وتتمسك الحكومة الفرنسية لحد الآن بهذا التاريخ الذي اعتمد في سنة 2003 بمرسوم وقعه الرئيس الفرنسي، وقالت وزارة الدفاع وقدماء المحاربين الفرنسية سابقا في رد كتابي لها على سؤال بهذا الخصوص، إنه لا توجد خطط لإعادة النظر في المرسوم. وتأخذ الاحتفالات المقبلة بالحدث، والتي تصادف مرور نصف قرن، اهتماما أكبر على الضفة الأخرى من المتوسط، في ظل توقعات بأن تكون في قلب الحملة الانتخابية الفرنسية مثل المواعيد الانتخابية السابقة في ظل تنامي الشعور الوطني المتطرف لدى اليمين الفرنسي، الذي يستغل مثل هذه المناسبات للتقرب من الكتلة الناخبة للأقدام السوداء والحركى للحصول على أصواتها. واتفقت أحزاب التحالف الرئاسي في الجزائر بمبادرة من حزب جبهة التحرير الوطني على مخطط عمل لإحياء ذكرى عيد النصر وعيد الاستقلال، لكن لم يجسد من الاتفاق إلا لقاء واحد في فندق الرياض، فيما تتستر الحكومة على برنامج الاحتفال بالحدث البارز، وسط مطالب من شخصيات وطنية لتحويل العام القادم كفرصة للمصالحة مع الذات والتاريخ. وكان وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبي قد أشار، على هامش الندوة الصحفية التي نشطها بإقامة الميثاق، أنه خلال محادثاته مع الوزير الأول الجزائري السيد أحمد أويحيى بشأن الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر سنة 2012 أعرب الطرفان عن ''إرادتهما المشتركة لتفادي قيام متطرفي الجانبين بإحياء الجراح القديمة دون جدوى''.