بغية رصد ''أسهم'' الطالب الجزائري في ''بورصة'' الكتاب العلمي، توقّفت ''الخبر'' خلال جولة استطلاعية قادتها إلى المركب الأولمبي ''محمد بوضياف'' بالعاصمة، الذي يحتضن فعاليات الطبعة ال16 من الصالون الدولي للكتاب، عند بعض دور النشر الجزائرية والعربية والأجنبية، وكذا عدد من الطلبة، لمعاينة حضور الكتاب العلمي من جهة، وإقبال الطالب عليه من جهة أخرى. حاولت ''الخبر'' تماشيا مع الهدف الرئيسي لصالون الجزائر الدولي في طبعته ال16 عشر وهو توفير الكتاب العلمي، أن تقف عبر جولة استطلاعية على مدى تحقق هذا المسعى واستفادة الطالب من تواجد عدد كبير من دور النشر العربية والأوروبية. وفي هذا الإطار استجوبت بعض الطلبة الذين التقتهم بين أروقة الصالون، فأجمعوا على توفّر الكتاب العلمي، لكن قدرتهم الشرائية المحدودة، تحول دون تمكّنهم من اقتناء جديد دور النشر بالدرجة التي يطمحون لبلوغها. قائلين إن المنحة الجامعية لا تكفي لسدّ حاجياتهم المعرفية، خاصة مع غلاء سعر المؤلفات العلمية الجديدة والمهمة، والتي تبقى مفقودة ولا توفرها إلا مثل هذه المناسبات. عرض مغر وإقبال قياسي كانت بداية جولتنا مع دور النشر، وتحديدا مع دار ''المعرفة الجامعية الإسكندرية'' المصرية، موازاة مع الكمّ الهائل من الكتب التي عرضتها بشكل يُلفت انتباه زوّار الصالون، بمن فيهم الجامعيين. وبعد أن تجاذبنا بعض أطراف الحديث مع مسيّر الدار، أحمد حسن، حول مشاركته في هذه الطبعة، استرسل محدّثنا في الإجابة عن أسئلتنا، قائلا: ''الجناح المخصّص لدارنا التي تشارك في صالون الجزائر لأول مرة، يتوزّع على ثمانية أقسام، كل قسم يضمّ 50 إصدارا جديدا، يتنوّع ما بين علم الاجتماع، اللغة العربية، الإعلام، الفلسفة، وغيرها من المجالات التي نرمي من خلالها إلى تقريب الكتاب العلمي من الطالب الجامعي، مُراعين في ذلك عاملي الكمّ والكيف معًا''. استسمحنا أحمد حسن لبعض الوقت، ريثما يلبّي طلبيات الوافدين على جناحه، ليقرّ بعدها بوجود عملاء عبر الجامعات ''مهمّتهم، مثلا، إيصال كتبنا إلى الطالب الجزائري، الذي أدهشنا إقباله القياسي على فضائنا، منذ افتتاح فعاليات الصالون إلى يومنا هذا، لا سيما طلبة أقسام الماجستير''. وعن الأسعار، أوضح حسن أنه بناء على تعامله الدائم مع الطلبة ''لاحظت أنه ثمّة من يُوفّق في شراء الكتب، وثمّة من لا يُوفّق، ولكن مع ذلك يبقى معدّل سعر الكتاب العلمي مرتفعا. علما أن أسعار كتبنا المعروضة، تتراوح ما بين 400 و4500 دج، كما أن العناوين الأكثر مبيعا هي ''رياض الأطفال''، ''التربية الخاصة والتأهيل''، ودّعنا محدّثنا الذي انغمس في تصفيف الكتب وإعادة ترتيبها. لنتوجّه بعدها إلى دار ''إكسفورد'' الإنجليزية، التي لا تدّخر جهدا لمواكبة آخر مستجدّات الكتاب الجامعي، حسب ما صرّحت به مسيّرة الدار، عقيلة كوشكار، ل''الخبر''، وهي تلقي نظرة خاطفة على ما تحمله رفوفها من إصدارات جديدة، حتى توفينا بعناوينها. قائلة: ''كما ترون، نحن نعوّل كثيرا على كتب اللّغة، خاصة الإنجليزية منها''. وتابعت: ''تركيزنا على هذا النوع من الكتب، تحديدا، جاء نتيجة ارتفاع الطلب. بعد أن لمسنا إقبالا واسعا عليها''. موضحة: ''صحيح أننا نهتمّ كثيرا بكتب اللغة، ولكن هذا لا يعني أننا نتجاهل بقية الميادين، بدليل أن مراجع علم الطب، الغاز، البترول، الهندسة، والتجارة حاضرة بقوة عندنا''. من جهة أخرى، ترى كوشكار أن ''أسعار الكتب معقولة، كما أنها في متناول الطبقة الوسطى، خاصة ال''بوكيت'' (قاموس الجيب)، الذي انخفض سعر نسخته الأصلية، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إلى ما قيمته 400 دج بسبب القرصنة''. أما دار ''الهدى'' الجزائرية، حسب مديرها، مصطفى قلاّب ذبيح، فقد عرفت ''نقلة نوعية في نشر وطباعة وتوزيع الكتاب العلمي، ما أهّلنا لعرض زهاء 670 كتاب في مختلف التخصّصات العلمية والفكرية والمعرفية، إلى جانب 56 عنوانا جديدا، أصدرته الدار، مؤخرا، لإثراء مشاركتنا في الصالون''. ومن بين العناوين الجديدة التي استقطبت جمهور الطلبة، ذكر المتحدّث كلاّ من ''أبحاث ودراسات في تاريخ وآثار المغرب الإسلامي وحضارته'' للدكتور صالح يوسف بوقربة، ''إدارة الأعمال'' للدكتور فريد بن يحيى، و''عناصر المصطلحات'' للبروفيسور نصيرة زلاّل. غلاء الكتاب العلمي زاد من حرمان الطلبة واصلنا جولتنا وأعيننا مشدوهة صوب دور النشر التي تؤثّث لمكتبات علمية بحتة، يحلم كل طالب باقتناء إصداراتها الجديدة والاطلاع على فحواها. وغير بعيد عن الأجنحة المتعلقة بها، التقينا ''غنية. ص'' (20 سنة، طالبة بكلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير بالخروبة، سنة ثالثة، شعبة اقتصاد، تخصّص نقود مالية وبنوك)، وهي تهمّ بالعودة إلى البيت، بعد أن اشترت كتابين في مجال الاقتصاد. سألناها عن أجواء الصالون، فردّت: ''لقد أعجبت كثيرا بالكتب العلمية المعروضة، إنها فعلا مغرية، بيد أن قدرتي الشرائية تحول دون إشباع فضولي''. مواصلة: ''هناك كتب كثيرة أرغب في شرائها، ولكن أسعارها ملتهبة، فمنحتي الجامعية لا تكفي حتى لتغطية تكلفة المواصلات، فما بالك بشراء الكتب''. وأردفت: ''أعتقد أن سعر الكتاب العلمي المحلي أقلّ من نظيريه العربي والأجنبي، كما أن ما عُرض السنة الماضية أفضل بكثير من هذه السنة''. وهو ما شاطرته إيّاها ''منيرة. خ'' 22 سنة، طالبة بكلية العلوم السياسية والإعلام، سنة رابعة، قسم علوم الإعلام والاتصال، تخصّص صحافة مكتوبة، حين أبدت استغرابها من ''ارتفاع سعر الكتاب''. معقّبة: ''أظنّ أن عدم تزامن موعد تنظيم الصالون مع الدخول الجامعي، سيزعج الكثير من الطلبة القاطنين خارج العاصمة، لاسيما في ظلّ توفر الكتاب العلمي بدرجة يصعب فيها الاختيار''. أما الطالب ''نور الدين. ع'' 21 سنة، سنة ثالثة بجامعة البليدة، تخصّص ميكانيك تطبيقية، فقد صادفناه مغادرا رفقة صديقيه، وبيده عدد من الكتب البعيدة كل البعد عن نطاق تخصّصه. استفسرنا عن السبب، فأجاب: ''الصالون فرصة لا تعوّض لاقتناء أحدث العناوين، ففي سائر الأيام نتحصّل على الكتب العلمية من مكتبات الجامعة، وبما أن قدرتي الشرائية متواضعة، فإنني أنتهز مثل هذه المناسبات للمحافظة على علاقتي الحميمة مع المطالعة''.