قانون حظر النّقاب وُضِع لأجل فوز ساركوزي في الانتخابات الرئاسية 2012 الطبقة السياسية في فرنساوبلجيكا تخوّف الشعوب الأوربية من عدو واحد ''الإسلام'' للفوز بالانتخابات أبدى رجل الأعمال الفرنسي من أصل جزائري، والمترشّح السابق للرئاسيات في فرنسا، دعمه ومساندته للنساء المرتديات النّقاب في الغرب خصوصاً، والعالم عموماً، مقرِّراً استئناف الأحكام لدى محكمة النقض بفرنسا، ورفع شكوى لدى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بدعوى خرق حرية تنقّل الأشخاص وخرق الدستور الأوربي الّذي يحفظ الحريات الفردية. واعتبر في حوار مع ''الخبر'' ترشّح المنتقبة ''كنزة دريدار'' للرئاسيات الفرنسية المقبلة فرصة لتغيير رأي الجمهور الفرنسي تجاه الإسلام والمسلمين من جهة، ومن جهة أخرى منافسة الرئيس ساركوزي على أرضه ووسط جمهوره. بالتصويت على القانون المقيِّد للحريات وتطبيقه، تخطّت بلجيكا مثلها مثل فرنسا، منذ 11 أفريل 2011، الخط الأحمر الّذي يخرق حق المواطن الأوروبي للتنقل بحرية في الأماكن العمومية.. كيف تنظرون إلى هذا الأمر، وكيف ستكون ردة فعل الجمعيات بخصوصه؟ إنّ فرنساوبلجيكا دولتا قانون أوربي. وعلى هذا الأساس، فإنّ البرلمانات ملزمة باحترام الدستور الأوروبي الّذي يرقى على القانون الوطني لكلّ من الدولتين. والتّصويت على قانون منع النّقاب في الأماكن العمومية، بما فيها الشوارع، وتطبيقه يجعل دولتي بلجيكاوفرنسا يرتكبان خرقاً لمبدأ أساسي، والمتعلق بحرية تنقل السلع والأشخاص. هذا الحق مضمون، ليس فقط من خلال دستوري فرنساوبلجيكا، وإنّما أيضاً في الدستور الأوروبي. وعليه، فإن هذا القانون المُقيِّد للحريات هو قانون غير دستوري، وهو ما يجعل محاربته بطرق ذكية أمراً واجباً. وبناء على هذا قرّرتُ أن أضع استراتيجية على 3 مراحل زمنية لإلزام دولتي فرنساوبلجيكا وكل دولة أوروبية أخرى تكون لها الجرأة للتصويت على هذا القانون في المستقبل مثل إيطاليا وهولندا. أوْلى محاور عملي هي الدعوة إلى العصيان المدني الّتي أطلقته في 11 أفريل 2011 في فرنسا، وفي 23 جويلية في بلجيكا، بالنسبة للنّساء اللّواتي ترتدين بحرية النّقاب في الشارع أن تتمكّن من الاستمرار في ذلك دون الخشية من دفع غرامة 50 ,137 أورو (بلجيكا) و150 أورو (فرنسا) الّتي فرضتها الدولتان لمعاقبة هذا الممارسة الحرّة. أمّا المحور الثاني فهو دفع هذه الغرامات. لقد وضعتُ انطلاقاً من جويلية 2010 صندوق ''الدفاع عن الحرية واللائكية'' متوفر فيه 1 مليون أورو بشكل يضمن دفع 6666 غرامة. وبعد الدفع الشّخصي بفرنسا، في نيس وسرجي (بالقرب من باريس) غرامتين اثنتين في ماي 2011 تمّ إلغاؤهما من طرف العدالة بسبب عدم مطابقتهما للقوانين، تنقلتُ في نفس اليوم- 17 أوت الماضي- إلى بروكسيلببلجيكا، وإلى روبي بفرنسا لأجل دفع أولى الغرامات المطابقة. وقد نظّمتُ ندوتين صحفيتين لجعل الصحافة الوطنية والدولية تعاين أنّني ملتزم بتعهداتي. وكان هدفي مضاعف إلى اثنين: أوّلاً لإظهار لدولتي فرنساوبلجيكا أنّي سأدفع شخصياً الغرامات، وأنّه كلّما تحرّر شرطتي البلدين غرامات ضدّ النّساء البريئات، ستكون محل زيارات قريبة من طرفي لضمان الحرية في الشارع لهاته النسوة. وثاني أهداف دفعي للغرامات هو تحييدي للقانون وجعله غير فعّال. وعليه سأجعل الدولتين في وضع سخيف، فكلّما تفرض غرامة سأدفعها. أما ثالث المحاور لعملي يتمثّل في رفع الشّكوى ضدّ دولتي فرنساوبلجيكا، أوّلاً على مستوى محاكم هاتين الدولتين، ليليها رفع الشّكوى على مستوى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وهذا المسار القضائي سيطول ما بين 3 إلى 4 سنوات، لكني أمتلك وسائل الانتظار لجعل الانتصار في كفّة القانون والحرية. وماذا عن الصندوق الّذي أنشأته لدفع الغرامات المفروضة على النّساء المنقبات؟ الصندوق الّذي أسّسته في جويلية 2010 جاء لتحييد تطبيق هذا القانون، تمّ تمويله عبر بيع عقار كنتُ أملكه رفقة زوجتي في منطقة باريس. وفي السياق ذاته، وبعد مرور 5 أيّام من تأسيس الصندوق، تعرّضتُ لمراقبة ضريبية دولية. ففي بعض الأحيان تستعمل فرنسا ممارسات تُعَد ردّات فعل سيّئة لمنع الأفراد عن التحرّك في تيار مغاير لقانون غير دستوري ووحشي. ولكن أنا مصمّم وحازم على الذهاب إلى نهاية هذه الحكاية. وسألتزم بتعهّدي بتسديد كلّ الغرامات في أوروبا، وفي العالم إذا تطلّب ذلك، رغم كلّ الضغوطات. سبق لكم وأنّ دفعتم غرامات في كلّ من بلجيكاوفرنسا، كما أنّكم دعوتم إلى عصيان مدني، كيف يمكن أن نترجم هذا دون أن يكون خرقاً للقوانين؟ هذا القانون في حدّ ذاته مناقض للدستور الفرنسي، وقد كان مجلس الدولة،وهو أعلى هيئة إدارية في فرنسا، سلّم في 2010 وثيقتين برأيين، الأوّل للوزير الأوّل الفرنسي والّتي جاء فيها ''إنّ المنع الكامل لارتداء النّقاب لا يعتمد على أيّ أسس قانونية متينة''، وهذا واضح جدًّا إلاّ بالنسبة للرئيس ساركوزي الّذي ظنّ أن لا أحد سيقف ضدّ هذا القانون الّذي وضعه من أجل الفوز في الانتخابات الرئاسية في .2012 وقد قرّرتُ الدعوة للعصيان المدني، في إطار القانون الّذي يلزم بدفع الغرامات في حال وقوع مخالفة، وهذا مطابق تماماً للقوانين، بما أنّني أدفع الغرامات فأنا بطريقة آلية أحترم القوانين، كما أنّني عندما رفعتُ دعاوى قضائية ضدّ الحكومات في بلجيكاوفرنسا، فأنا في إطار القانون الّذي يمنحني الحق باللجوء إلى المحاكم والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من أجل معاقبة هاتين الدولتين اللّتين تخرقان كلّ مبادئ الحريات الفردية، والّتي يضمنها الدستور الأوروبي. ففي فرنسا وخاصة بلجيكا لهم مشكل نفسي مع هويّتهم وتاريخهم، وأظنّ أنّ الطبقة السياسية في هذين البلدين تستعمل الخوف من نظرة الإسلام، وهو الخوف الّذي تتقاسمه معهم شريحة كبيرة من الشّعوب الأوروبية اليوم، من أجل الفوز في الانتخابات أو من أجل الحصول على هوية وطنية مبنية على أساس العدو الواحد: الإسلام والمسلمين. لقد صرّحتم مؤخّراً ''أطلب من النّساء الخروج إلى الشّوارع بنقابهم دون خوف، فبدفعي للغرامات أنا أجمِّد القانون، وأريد أن أظهر للجميع أنّ هذا القانون لَن يعمل، وأنه فشل للفاعلين السياسيين الّذين قاموا بوضعه''.. هل يمكن أن تشرحوا أكثر، وهل ستقومون بدفع غرامات أخرى إن تعرّضَت أيّ امرأة لها في المستقبل، وحتّى في بلدان أوروبية أخرى؟ لقد تمّ التّصويت على هذا القانون من أجل تخويف النّساء، ولمنعهم من ارتداء النّقاب بحرية في الشّارع، وهذا بإقرار غرامات تتراوح بين 50,137 و150 أورو، والحكومتان الفرنسية والبلجيكية تعلَمان أن هؤلاء النسوة لا يملكن الإمكانيات لدفع الغرامات، ومن خلال خلق صندوق ب''1 مليون أورو'' سأجمِّد هذا القانون، كما سأضع حدًّا لمخاوف هذه النّساء اللّواتي يخفن اليوم من الخروج للشّارع، وأنا فخور بهذا الصندوق. إنّ الدولة الّتي تلجأ للخوف، من أجل منع النساء البريئات والضعيفات مادياً من الخروج إلى الشارع، هي دولة غير محترمة، وأنا أخجل من رؤية دولتين أوربيتين، والمعروفتين على الساحة الدولية باحترامهما لحقوق الإنسان، تقفان وراء هذه المبادرة، وهذا القانون المقيّد للحريات الّذي لا يشرّفهما. أنا رجل مبادئ ومواقف، فبالرغم من أنّني شخصياً ضدّ لبس النِّقاب، إلاّ أنّ مبادئي لا تسمَح لي بترك فرنساوبلجيكا، أو أيّ بلد آخر ديمقراطي في العالم يمنع المرأة من ارتداء النّقاب في الشّارع. وأنا مع موقف الفيلسوف الفرنسي فولتير الّذي قال ''حتّى وإن لم أتّفق معك فأنا مستعد للموت من أجل أن يتم منحك الحق في التّعبير عن رأيك بكلّ حرية''، وللأسف اليوم فرنساوبلجيكا بعيدتان تماماً عن دروس فلاسفتها للقرن ال .18 هل كنتم تنتظرون صدور أحكام من محكمة الشرطة لمدينة مو؟ حينما قُمنا بتاريخ 5 ماي 2011 بتنظيم عملية اتصال خاصة في مدينة ''مو''، مع كلّ من هند ونجاة، وهما امرأتان قرّرتا بصورة طوعية ارتداء النّقاب، كنّا ننتظر فرض غرامات بصورة آلية ومباشرة وفورية، لذلك اغتنمتا فرصة الاحتفال بعيد ميلاد النائب، وعمدة ''مو''، وأمين حزب الاتحاد من أجل الحركة الشّعبية، وهو حزب الرئيس نيكولا ساركوزي، لتقدّما له ''كعكة باللوز''، كهدية عيد ميلاد، بالمقابل كان يتعيّن انتظار 5 أشهر لكي نستلم الغرامتين بقيمة 120 و80 أورو، اللّتين دفعتهما فوراً بحضور الصحافة الدولية بتاريخ 22 سبتمبر بمدينة ''مو'' الّتي تبعد مسافة 50 كيلومترا عن العاصمة باريس. وكيف ستتعاملون مع الغرامتين الّلتين فرضتا بمدينة مو؟ بفضل الغرامتين قرّرنا استئناف الأحكام لدى محكمة النقض بفرنسا، ثمّ في غضون ذلك سيتم إشعار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لنفتك ونتحصّل على قرار يُدين فرنسا بدعوى خرق حرية تنقل الأشخاص، وبخاصة أنّهم مواطنون أوروبيون بالفضاءات العمومية، وخرق الدستور الأوروبي الّذي يحفظ الحريات الفردية. قرّرت إحدى النّساء المنقبات، السيدة ''كنزة دريدار''، الترشّح للرئاسيات الفرنسية المقبلة، هل ستقومون بدعمها، وما هو الهدف المتوخى من مثل هذا القرار؟ كنزة دريدار، فرنسية من أصل مغربي، وهي المرأة الوحيدة الّتي تمّ الاستماع لها من قبل اللّجنة البرلمانية الّتي صاغت تقريراً حول منع حمل الحجاب الكامل في فرنسا. أؤكّد بأنّني ساندتُ كنزة دريدار، خاصة وأنّ النّساء المرتديات للنّقاب، وخلال الخمسة أشهر الأخيرة، يشعرن أنّهن في سجن فسيح مساحته 000 ,500 كلم2 (مساحة فرنسا). وبما أنّي ديمقراطي، لا أستطيع قبول هذه الأمر، إذ من المهم الرد من خلال الحملة السياسية العالمية على هذا القانون، والّذي يرى المنقبات كحيوانات أليفة يجب أن تبقى في المنزل. والهدف من حملة ''كنزة دريدار'' الرئاسية هو تطوير رأي الجمهور الفرنسي، وإعطاء درس لنيكولا ساركوزي لكي نقول له بأنّ المرأة الّتي تريد تحويلها إلى عبيد قد قرّرت منافستكم على أرضكم، ووسط جماهيركم، في الانتخابات الرئاسية المقبلة.