قدم سهرة أول أمس بالمركز الدولي للصحافة بتلمسان، العرض الشرفي للوثائقي السينمائي ''حصار تلمسان ''1307/1299 لبشير طيب شريف في الإخراج، وصديق طيب شريف في كتابة السيناريو، وحوار الدكتور سعيد عيادي، وهو العمل الذي صوّر محنة وصمود سكان تلمسان وحكامها الزيانيين طيلة ثماني سنوات كاملة، في أطول حصار ظالم عبر تاريخ البشرية. وأبدع الإخوة شريف في تصوير العمل بالجنوح إلى اختيار الرسوم المتحركة في سرد قصة الحصار، الذي بدأ حين عسكر السلطان المريني يوسف ابن يعقوب على مشارف تلمسان، بعد رفض الزيانيين تسليمه بعض معارضيه الذين فروا إلى هناك، واستجاروا بحكامها في سنة .1299 وبدأ القتال بين الجانبين. ونقلت كاميرا المخرج صمود الزيانيين وأهالي تلمسان، الذي جعل السلطان المريني يحوّل معسكره إلى مدينة أسماها المنصورة، لتتوالى الشهور والسنين. وبعد خمس سنوات من الحصار، توفي السلطان الزياني عثمان بن يغمراسن، داخل قصر المشور، وخلفه ابنه الشاب أبو زيان بن عثمان بعد بيعة أخيه أبو حمو موسى. وكان المرينيون ينتظرون خضوع الملك الشاب، إلا أن التلمسانيين واصلوا صمودهم، وأكل السكان القطط والكلاب والجيفة، مثلما تذكر كتب التاريخ ومثلما جاء في الوثائقي. وبطريقة غلب عليها التشويق أكثر من التوثيق، صوّر العمل موقفا تاريخيا لنسوة المدينة أثناء الحصار الظالم، حين جئن للملك وطلبن منه الأمر بقتلهن، وهو الموقف الذي أثر في الملك الحزين، وقرر أن يفعل ذلك ويتخلص من نساء البلاط أولا، ثم يخرج رفقة جنده لمواجهة العدو والالتحام مع جيشه، لتأتي ساعة الفرج بوفاة السلطان المريني أبو يعقوب يوسف بعاصمة ملكه فاس، في اليوم نفسه الذي قرر فيه السلطان الزياني قتل نسائه وإمائه. وتميز فيلم ''حصار تلمسان'' بقوة النص، وسلامة لغته العربية الفصحى، وجمالية الصور المتحركة التي قال المخرج إن إنجازها تطلب ورشة من الرسامين المحترفين.