تحادث الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أمس، مع رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، مصطفى عبد الجليل، في أول لقاء يعقده بوتفليقة مع مسؤول ليبي من المجلس الانتقالي، بعد أشهر من تبادل التهم حول دعم مزعوم للجزائر لنظام القذافي. وجرى اللقاء ثلاثيا إثر وساطة قطرية وحضره أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. أجرى الرئيس بوتفليقة، أمس، في العاصمة القطرية الدوحة، لقاءين متتابعين، مع كل من رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، مصطفى عبد الجليل، وأمير دولة قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وأفادت وكالة الأنباء الجزائرية أن اللقاء الأول جرى صبيحة أمس، على هامش أشغال أول قمة لمنتدى رؤساء دول وحكومات البلدان المصدرة للغاز الطبيعي، ثم لقاء ثلاثيا ثانيا بعد الظهر بإقامة أمير دولة قطر. لكن وكالة الأنباء القطرية الرسمية قدمت تفصيلا إضافيا للقاء، بإعلانها حضور الشيخة موزا، حرم أمير قطر للقاء، ووزير الخارجية القطري وكذا ولي العهد. وجاء في الوكالة: ''اجتمع حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى وصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر في قصر البحر، بعد ظهر اليوم (أمس) مع فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة، وسعادة السيد مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي''. وأضافت: ''حضر الاجتماع سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد، كما حضر الاجتماع معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية. وجرى خلال الاجتماع بحث العلاقات الثنائية، كما تم استعراض عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك خاصة تطورات الأوضاع في المنطقة''. ويعد اللقاء الأول من نوعه الذي يعقده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مع مسؤول ليبي عن المجلس الوطني الانتقالي، منذ أول أيام حمل المعارضة للسلاح في وجه النظام السابق، لكن الغريب في اللقاء أنه لم يتم في الجزائر عبر وفد يمثل الانتقالي الليبي قالت الخارجية إنها تنتظره، ما كان سيعتبر ''طلب اعتذار ليبيا رسميا''. وبدل ذلك، جرى اللقاء مباشرة مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي كان بدوره محل اتهامات مستمرة من أعضاء المجلس الانتقالي، حيث افتك عبد الجليل، وهو السياسي الليبي المجهول، لقاء مع رئيس الدولة. وربما بسبب رفض وفد المجلس الانتقالي التنقل للجزائر، جرى اللقاء على أرض يفترض أن توصف ب''المحايدة''، لكن الدور القطري خلال الأزمة الليبية لا يجعلها كذلك. ولم يسبق للمسؤولين الجزائريين أن تباحثوا مباشرة مع مسؤولين في المجلس الانتقالي، عدا رئيس المكتب التنفيذي للمجلس سابقا، محمود جبريل، وتم ذلك في محطتين مع وزير الخارجية مراد مدلسي، على هامش اجتماع سابق للجامعة العربية في القاهرة، وآخر في نيويورك خلال الجمعية العام للأمم المتحدة. ومن عادة الحكومات الجزائرية رفض مبدأ الوساطات في حلحلة خلافاتها الخارجية، ما يطرح عدة أسئلة حول سبب قبول الرئيس بوتفليقة بهذه الوساطة، وأن يتم أول لقاء لرئيس المجلس الانتقالي مع الرئيس بوتفليقة مباشرة دون التدرج في ''مسار التطبيع'' عبر مسؤولين في وزارة الخارجية أولا. وساءت علاقات الجزائر بطرابلس بسبب ما سماه المجلس الانتقالي ''دعم الجزائر المفضوح للقذافي''، وكذبت الجزائر بدورها في عدة بيانات ما جرى تناقله عن نقل لمرتزقة أو سلاح، ثم ساءت العلاقات أكثر بإعلان الجزائر استضافة أفراد من عائلة معمر القذافي بينهم ثلاثة من أبنائه وزوجته. وتعتبر الجزائر أن من أولوياتها مع الانتقالي الليبي وقف ما تسميه ''حملات إعلامية''، والتنسيق العاجل على الحدود المشتركة على أساس ''خطر سلاح''، حيث يعتبر قول مسؤولين جزائريين بأن مسؤولية جمع السلاح هو في يد السلطة الجديدة في ليبيا، اعترافا بحاجتها للتقارب مع المجلس الانتقالي وفقا لمبدأ المصلحة الأمنية التي تضعها الجزائر على رأس الأولويات.