انطلقت فرنسا في الاحتفال بالذكرى الخمسين ل''حرب الجزائر''، بعرض الأفلام الوثائقية، بداية من الشهر الجاري، وهي الاحتفالية التي تدوم سنة كاملة ورصدت لها ميزانية، كما نصبت لها محافظة. بينما يبقى الجانب الجزائري بعيدا عن مستوى الحدث، وهو الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال، التي من المفروض أن تنطلق مع بداية 2012 مباشرة. بدأت القنوات الفرنسية بالتنافس على عرض أحدث الأفلام الوثائقية المنجزة عن ما تسمى ''حرب الجزائر''، تعكس وجهة نظرهم، منها ما يتطرق إلى مواضيع يُفتح فيها النقاش لأول مرة. في هذا الإطار، عرضت، ولأول مرة، القناة الفرنسية ''بلانات''، فيلما وثائقيا، إنتاج 2012، يروي قصة الحرب من منطلق مختلف تماما، لم يتعرض له أي فيلم وثائقي من قبل، من إنجاز فريق عمل الوثائقي ''ابوكاليبس''، ايزابيل كلارك ودانيال كوستال. ويتساءل الفيلم، هل فعلا قلنا كل شيء عن حرب الجزائر؟ لينطلق في تتبع مسار جراح فرنسي، جيرار زوانغ، عاش في الجزائر من ماي 1956 إلى جوان 1958، من باريس إلى سطيف ثم تلمسان، حيث كلف بإجراء العمليات الجراحية وإسعاف الجرحى في الميدان. وعن طريق نظرته للحرب، التي تقدم لأول مرة، تعرض الفيلم مباشرة بعد عرضه إلى الانتقاد من بعض الأصوات، كما أوردت يومية ''ميديابارت'' ذات التوجه المعتدل والخط الافتتاحي المتزن. وجهت للفيلم انتقادات عديدة، لأنه لم يتحدث حقيقة عن المصير المأساوي لمليون و400 ألف مجند فرنسي، عاشوا الحرب دون تجربة مسبقة أمام الخطر، وأدوا الخدمة العسكرية فوق مسرح معركة مجهول، حيث كان ينتهي الأمر ببعض الأطباء إلى المعالجة بما لديهم حينها. ويتحدث الفيلم كذلك عن تقديم الجيش الفرنسي الرعاية الطبية أثناء الحرب، وكيفية تقديم المساعدات الطبية للشعب الجزائري في الحرب، وعرض صورا لم تنشر بعد للضحايا في صفوف الجنود الفرنسيين. وقال المؤرخ الفرنسي، الذي لم يذكر اسمه، لموقع ''مدياربارت''، ''أصبت بخيبة أمل مضاعفة. أولا، كمؤرخ، وجدت أن تحليل هذه الأحداث لا يزال سطحيا، مع لمسة من حين لآخر لوجود ''الأقدام السوداء''، والحنين للجزائر الفرنسية''. وتأسف المؤرخ كون المخرج لم يتطرق بالفعل إلى الموضوع الرئيسي، وهو المهم، المتعلق بقضية إخراج الجرحى الفرنسيين ونقلهم من الجبال إلى فرنسا. واعترف المؤرخ، الذي قال إنه شارك في عملية نقل الأدوية والمعدات إلى الجبال، خاصة في منطقة القبائل لمدة 15 شهرا، أن الأمر كان صعبا جدا، إذ لابد من نقلها بواسطة مروحية إلى مستشفى للجرحى الذين يتطلبون عملية جراحية. وأشار المؤرخ إلى أن إعادة قراءة حرب الجزائر مرة أخرى من هذا المنطلق، ما هو إلا تحقير للذاكرة، وتعليق الشريط الحقيقي ميلوديا درامية، واتهم الشريط بأنه ينفذ أفكار أشخاص آخرين، مضيفا أنه تسميم آخر للذاكرة التاريخية، وعلينا أن نلقي هذا العمل إلى مزبلة التاريخ.