الاقتصاد الجزائري تحت رحمة ثالوث ضعف البنوك والبيروقراطية والرشوة صنفت تقارير دولية الجزائر في مراتب متأخرة على المستوى الاقتصادي، دوليا وإقليميا، في وقت تنبه فيه الهيئات المالية الدولية إلى ضرورة عدم التركيز على عاملي إيرادات المحروقات والنفقات العمومية كمحرك دائم للنمو. انتقدت الهيئات الدولية ما اعتبرته كوابح أمام الاستثمار، وهيمنة ثالوث صعوبة الوصول إلى التمويل البنكي والبيروقراطية والرشوة. ووضع التقرير الخاص بالحرية الاقتصادية الصادر عن المؤسسة الأمريكية ''هيريتاج''، الجزائر ضمن البلدان المغلقة، والتي لا تتمتع بحرية اقتصادية عالية. فقد احتلت المرتبة 140 عالميا من أصل 179 دولة مصنفة، متراجعة بمرتبة واحدة عن سنة .2010 كما صنفت في المرتبة 15 من ضمن 17 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. في نفس السياق، اعتبر معدّو التقرير أن الاقتصاد الجزائري يدخل ضمن ''الاقتصاديات غير الحرة على العموم''، حيث تحصل على معدل 51 بالمائة، متراجعة ب4, 1 نقطة مقارنة بالنسبة المسجلة في عام .2010 وتظل الجزائر بعيدة عن المتوسط الدولي المقدر ب5, 59 بالمائة، والمعدل الإقليمي البالغ 6, 60 بالمائة. ويعتمد مؤشر الحماية الاقتصادية في تقييمه على عشرة مقاييس رئيسية تحدّد الحرية الاقتصادية لبلد ما، يتم تصنيفها ضمن أربع فئات هي: سيادة القانون، حجم القطاع العام، الفاعلية التنظيمية وانفتاح الأسواق، وينقط كل معيار على سلم من 0 إلى 100 ليتم بعد ذلك احتساب المعدل. واعتمد التقرير مقياسين في سيادة القانون، هما الملكية الفكرية ومكافحة الفساد. ففي معيار الملكية الفكرية، حصلت الجزائر على علامة 30 بالمائة، واعتبر التقرير أن الجزائر لا تحمي بالشكل الكافي الملكية الفكرية، نتيجة تدخل الدولة في السلطة القضائية. أما في معيار مكافحة الفساد، فقد حصلت الجزائر على 29 بالمائة، ووضعت في المرتبة 108 عالميا. وبخصوص الفاعلية التنظيمية التي تشمل ثلاثة مقاييس: الحرية في الأعمال، والحرية في العمل والتحرر النقدي. فبالنسبة للمعيار الأول، تحصلت الجزائر على 3, 66 بالمائة، وتحصلت في المعيار الثاني على 4, 54 بالمائة، وأحصى التقرير نسبة 30 بالمائة كبطالة لدى فئة الشباب البالغين أقل من 30 سنة. وأضاف أن سوق العمل في الجزائر مازال يفتقد إلى المرونة. وبخصوص المعيار الثالث، تحصلت الجزائر على 3, 76 بالمائة، مع التأكيد أن السلطات العمومية في الجزائر تعتمد آليات للتحكم في الأسعار. ونفس الأمر ينطبق على مقاييس مثل حرية المبادرة والاستثمار والمنظومة المالية والمصرفية التي تواجه تخلف كبيرا في الجزائر. من جانب آخر، كشف تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، دافوس، عن تراجع الجزائر في مؤشر التنافسية الاقتصادية من المرتبة 86 إلى الرتبة 87 من مجموع 140 بلد، حيث فقدت الجزائر في ظرف ثلاث سنوات أربع مراتب. كما تراجعت في العديد من المؤشرات والمقاييس المعتمدة، فقد احتلت الجزائر المرتبة 127 في تصنيف آداء المؤسسات، و93 في تصنيف نوعية المنشآت، و122 في مدى فعالية التدابير المعتمدة على المستوى الاقتصادي، ووضعت الجزائر في المرتبة 134 فيما يتعلق بفعالية سوق السلع، و137 في سوق العمل، ونفس المرتبة احتلتها بخصوص السوق المالي، واحتلت المرتبة 136 فيما يتعلق بالإبداع والابتكار الصناعي والتكنولوجي. وكشف التقرير الدولي عن حصيلة عملية تقييم وسبر آراء لدى المتعاملين والمستثمرين الأجانب، وبيّنت العملية سيطرة ثالوث صعوبة الوصول إلى التمويل البنكي، وعدم فعالية التسيير نتيجة البيروقراطية، وتفشي الرشوة، كأهم العوائق التي تواجه المستثمرين في الجزائر، بنسبة 2, 19 و4, 18 و16 بالمائة على التوالي، أي ما مجموعه 6,53 بالمائة، ثم جاءت بعدها مشاكل مثل نقص التأهيل والتكوين وسياسات الرسوم والضرائب والتضخم. ويبقى الاقتصاد الجزائري يعاني من نمط تسيير لم يسجل فيه تقدم كبير خلال السنوات العشر الماضية، ويفتقد لليونة ولايزال سجين الاعتبارات السياسية في التسيير المركزي والبيروقراطي، وهو ما لاحظه صندوق النقد الدولي أيضا التي حذر من بقاء الجزائر أسيرة عاملين يدفعان للنمو، وهما المحروقات والإنفاق العمومي، ما ساهم في انكماش النمو الفعلي خلال سنة 2012 إلى حدود 3 بالمائة.