وصف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بناء المغرب العربي، بأنه ''ضرورة حيوية ملحَّة لتمكين شعوبنا الشقيقة من مواجهة التحديات''. أما وزير الخارجية مراد مدلسي، فاقترح على نظرائه المغاربيين ''إقامة تعاون حقيقي وفعال'' في مجال محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة. وأفاد بأن الخلاف مع المغرب حول الصحراء، لا يقف عائقا أمام التطبيع معه. بعث الرئيس بوتفليقة، أمس، رسالة إلى الرئيسين التونسي محمد منصف المرزوقي، والموريتاني محمد ولد عبد العزيز، ورئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبد الجليل، وملك المغرب محمد السادس، بمناسبة مرور 23 سنة على تأسيس اتحاد المغرب العربي (17 فيفري 1989 بمراكش)، جاء فيها أن ''تحقيق وحدة المغرب العربي في عصر التكتلات الجهوية والدولية، ضرورة (..) لمواجهة التحديات ضمن تجمع مرصوص البناء وموحد الكلمة''. وأبلغ بوتفليقة قادة البلدان المغاربية، ''حرص الجزائر وعزمها على العمل معكم من أجل الحفاظ على هذا المكسب وتطوير هياكله، باعتباره عامل تنمية، وإطارا للتكامل والتشاور السياسي''. ودعت رسالة الرئيس إلى ''العمل وفق مقاربة واقعية وتدريجية تأخذ في الحسبان مصالح بلداننا وطموحات شعوبها''. وأضاف: ''لا شك أن الفرصة سانحة الآن لتحيين التفكير حول التشييد المغاربي المبني على تكامل اقتصادي يرتكز على متابعة سياسات مشتركة في كافة الميادين''. وتعهد بوتفليقة بأن ''تدلي الجزائر بدلوها فيما يبذله الجميع من جهود في خدمة بلداننا الشقيقة''. واقترح وزير الخارجية مراد مدلسي، أمس، بالرباط، بمناسبة اجتماع مجلس وزراء خارجية اتحاد المغرب العربي، إقامة تعاون مغاربي ''حقيقي وفعال'' في مجال محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة والتجارة غير المشروعة للسلاح والمخدرات والهجرة غير الشرعية. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مدلسي قوله: ''أمام سرعة وتيرة الأحداث، يتعين على اتحاد المغرب العربي أن يصبح شريكا جهويا للاتحاد الأوروبي خاصة''. وينخرط هذا المفهوم في المنظور الأوروبي للمغرب العربي ككتلة اقتصادية وسوق قوامها 100 مليون مستهلك. ودعا مدلسي إلى عقد اجتماع وزاري مغاربي بالجزائر، لبحث القضايا الأمنية المطروحة بالمنطقة، التي يعتبر الجديد فيها أزمة السلاح المتسرب خارج الحدود الليبية. وعلى الصعيد الثنائي، وقّع مدلسي ووزير خارجية المغرب، سعد الدين العثماني، أول أمس، على مذكرة تحدد آلية تشاور سياسي بين وزارتي الخارجيتين. وأوضح مدلسي خلال ندوة صحفية عقدها مع العثماني، أن العلاقة مع المغرب ''لها طابع استراتيجي''، وأن تفعيلها ''يتطلب عملا مستمرا من أجل تجسيد الإرادة المشتركة للبلدين، بما يفتح أفاقا واسعة لتعاون شامل''. وأكد بأن الحدود سيعاد فتحها، لكن دون تحديد موعد. وأضاف بأن العلاقات الثنائية ''مازالت بحاجة إلى توسيع، وإلى مزيد من التشاور، رغم أنها توجد حاليا في وضعية جديدة''. وتعكس هذه التصريحات مدى أثر التغيرات العميقة التي تشهدها المنطقة العربية، في دفع الرباطوالجزائر إلى تقديم تنازلات لإحداث التقارب. وبخصوص نزاع الصحراء الذي يسمم العلاقات بين أكبر بلدين مغاربيين، قال مدلسي، حسب مواقع إخبارية مغربية، إن القضية ''توجد الآن بيد هيئة الأممالمتحدة، ولنا ثقة في المنظمة الدولية لتصل إلى حل مرضي انطلاقا من قراراتها''. واعتبر قضية الصحراء ''لا تمنع من انطلاقة لاتحاد المغر ب العربي وللعلاقات الثنائية''. ولأول مرة يأتي على لسان مسؤول جزائري كبير بأن الخلاف مع المغرب، حول الصحراء، لا يمنع من إقامة علاقة عادية معه.