أنجب عبد المطلب عشرة رجال هم: العباس وحمزة وعبد الله وأبو طالب والزبير والحارث وحجل والمقوم وحزار وأبو لهب. وكان عبد المطلب قد نذر حين لقي من قريش ما لقي عند حفر بئر زمزم: ''لئِن ولد له عشرة نفرٌ ثمّ بلغوا معه حتّى يمنعوه لينحرن أحدهم لله عند الكعبة''. فلمّا بلغ بنوه مبلغاً يرضاه، راح ليخبر قومه بنذره، وقد فوجئوا جميعاً بحرصه على الوفاء به شكراً لله تعالى. فأبدوا طاعتهم وانكسارهم أمام رجل وجيه كريم مهاب، وقالوا كيف نصنَع؟ واتّفقوا على أن يأخذ كلّ رجل منهم قدحاً ثمّ يكتب فيه اسمه. ثمّ دخل بهم أبوهم على ''هُبَل''، وهو صنم على بئر في جوف الكعبة، تجمع فيها القرابين للكعبة، وطلب عبد المطلب من سادن الصنم هذا أن يضرب القداح على أبنائه، حتّى يتبيّن له مَن اختار ''هبل'' من أبنائه قرباناً للآلهة، ويزيل عن نفسه كلّ ارتياب. ولمّا ضرب صاحب القداح أزلامه، خرج القدح على عبد الله، والد الرّسول صلّى الله عليه وسلّم. فقام عبد المطلب ليذبحه وفاء بنذره، وكان أحبّ أولاده إليه، فمنعته قريش وبنوه، وطلبوا منه أن يستشير في ذلك عرّافة خيبر ويأخُذ برأيها. ولمّا استشاروها، قالت لهم: ''ارجعوا إلى بلادكم ثمّ قرّبوا صاحبكم وقرّبوا عشراً من الإبل ثمّ اضربوا عليها وعليه بالقداح، فإن خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتّى يرضَى ربّكم وإن خرجت على الإبل فانحروها عنه فقد رضي ربّكم ونجَا صاحبكم''. فلمّا رجعوا إلى مكة، قرّبوا عبد الله وعشراً من الإبل ثمّ ضربوا القداح، فخرج القدح على عبد الله، فأخذوا يزيدون الإبل عشراً عشراً حتّى بلغت الإبل مائة، ثمّ ضربوا فخرج القدح على الإبل فنُحِرَت ثمّ تركت لا يُصد عنها إنسان ولا يمنع. فلله الحمد والثناء، حيث نجَى عبد الله بن عبد المطلب، ليكون أباً لسيّد الخليقة ورسول البشرية، محمّد المحمود النّبيّ الخاتم الماحي الرّؤوف الرّحيم.