شبكات الجريمة المنظمة طورت روابط خطيرة مع التنظيمات الإرهابية في الساحل ثمن وزير الخارجية الإيطالي، جيوليو تيرزي دي سانتاغاتا، في حوار مع ''الخبر''، مستوى العلاقات الثنائية بين روماوالجزائر، مؤكدا على استعداد بلاده لدعم الجزائر على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. في أي إطار تدخل زيارتكم للجزائر وما تقييمكم للعلاقات الثنائية بين روماوالجزائر؟ لدى الجزائروروما روابط صداقة متجذرة، وفي الوقت الذي تحضر الجزائر احتفالات الذكرى الخمسين لاستقلالها، يتعين أن نذكر بأن القضية الجزائرية وجدت دوما دعما معتبرا في إيطاليا. وخلال نصف قرن كنا شريكا هاما في مجال البنى التحتية والطاقة والأشغال العمومية، فضلا عن التكوين، واليوم نتقاسم تبادلا اقتصاديا مكثفا ومقاربة مشتركة حول مختلف ملفات السياسية الخارجية، بوعي راسخ بأنه يجمعنا مصير مشترك بالنظر إلى انتمائنا إلى المنطقة المتوسطية. وتكمن إرادة إيطاليا في تدعيم وإعطاء دفع جديد للعلاقات الثنائية مع الجزائر، رغم أنها جيدة، ولكن بإمكاننا أن نطورها أكثر، وأنا على يقين بأن الضرورة تقتضي مواصلة المشوار لدعم الشراكة الإيطالية الجزائرية، فلدينا عدة مواضيع سياسية هامة يجب معالجتها على مستوى عال، فضلا عن وجود اتفاقيات للشراكة والتعاون جاهزة للتوقيع. وسيمثل لقاء القمة المرتقب الخريف المقبل مرحلة أساسية في علاقات الدولتين وتشكل نقطة انطلاق ووصول معا. سنواصل دعمنا للمبادرات الجهوية التي تطلقها الجزائر إيطاليا منذ عهد أونريكو ماتيي أرست علاقات مميزة مع الجزائر. هل تعتقدون أن الجزائر تظل محاورا هاما في كل القضايا المطروحة في المنطقة؟ بالتأكيد، فالظرف الإقليمي تغير خلال السنوات الأخيرة، وعلينا أن نواجه تحديات جديدة تهدد استقرار منطقة الساحل، إضافة إلى التوترات التي تهز منطقة المتوسط. فالجزائر دولة تابعة للمتوسط والساحل معا، وهي شريك رئيسي بالنسبة لإيطاليا، ونحن نقدر بجد الدور الذي تلعبه الدبلوماسية الجزائرية لدعم الاستقرار في المنطقة، وسنواصل دعمنا للمبادرات الجهوية التي تطلقها الجزائر. كما نثمن المساهمة المعتبرة للجزائر في إعادة بعث الحوار الأورو متوسطي ''5 + ''5 في 20 فيفري الماضي، من خلال اجتماع وزراء الخارجية بروما الذي جمع، لأول مرة بعد أحداث الربيع العربي، كافة البلدان لضفتي المتوسط، والذي انبثقت عنه إرادة مشتركة لإرساء الحوار الأورو متوسطي على أسس جديدة تتسم بتقاسم المصالح، ولكن أيضا قيم الديمقراطية والحرية، مع الحرص على احترام مبدأ السيادة للشركاء وتطلعات السكان ودعم المجتمع المدني. ظاهرة الإرهاب تشكل تحديا كبيرا. كيف تنظر إيطاليا إلى مخاطر بروز القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في منطقة الساحل؟ صحيح، الإرهاب الدولي يمثل تحديا كبيرا يهدد بتقويض أمن كافة الدول والمجموعة الدولية، وإيطاليا يمكن أن تفخر بالتزامها التقليدي والمعترف به في مواجهة هذا التهديد، وتولي إيطاليا أهمية بالغة لمكافحة كافة أشكال القرصنة، وتعتبر بأن الضرورة تقتضي التزاما صريحا وجماعيا ودائما للمجموعة الدولية، لضمان فعالية هذا الجهد المبذول لمصلحة الجميع، من خلال ضمان الحماية وحرية الملاحة، لكل من يعمل في إطار توصيات الأممالمتحدة. وعليه، فإننا نؤكد بأن مكافحة الشبكات الإرهابية الدولية النشطة في منطقة الساحل تعتبر أولوية بالنسبة لإيطاليا التي تتابع بحرص كبير ودائم تطور التهديد الإرهابي في منطقة الساحل، والذي يأخذ أبعادا وتفرعات في عدة مناطق أخرى، تصنف كأولوية أيضا من قبل بلادنا، منها البحر المتوسط والقرن الإفريقي. لذلك، فان روما عازمة على تدعيم تعاونها مع الجزائر الشريك الرئيسي في إطار جهوي. وفي هذا المقام، تعتبر إيطاليا بأن الأولوية تعطى لمحاربة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان التي طورت روابط خطيرة مع المنظمات الإرهابية في الساحل وعموما في إفريقيا الغربية. كيف يمكن لإيطاليا أن تساهم في محاربة الإرهاب ودعم بلدان المنطقة ؟ علاقات الجزائر وإيطاليا في المجال الأمني ممتازة، ونحن نقدر ذلك ونثمن التزام الجزائر كشريك رئيسي لإيطاليا ولكل دول الاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الإرهاب الدولي، خاصة أن الآلية الرئيسية لتعاوننا هو الاتفاق الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب الموقع في الجزائر بتاريخ 22 نوفمبر .1999 وسننظم اجتماعا لمجموعة الاتصال الإيطالي الجزائري لمكافحة الإرهاب في روما، في أفريل المقبل، بهدف تدعيم التنسيق بين مختلف الفاعلين في مجال مكافحة الإرهاب سياسيا ودبلوماسيا وقضائيا وأمنيا، وفي مجال الاستعلامات والجمارك والقطاع المالي. وخلال اللقاء السابق، عرضنا التجربة الإيطالية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة كمساهمة منا في مجال التعاون الدولي. ومن الأهمية بمكان تنسيق عملنا الثنائي مع النشاطات التي تقام في إطار المنظمات الدولية والإقليمية. ولقد اجتمعت مجموعة العمل لمنطقة الساحل في الجزائر في نوفمبر الماضي، كما تدعم إيطاليا جهود الجزائر وبلدان الساحل لتدعيم مكافحة الإرهاب. هل الوسائل العسكرية كافية للقضاء على هذه الظاهرة أم يتعين تضافر الوسائل الكفيلة باحتوائها؟ وقعت الجزائر وإيطاليا في 2006 على الإستراتيجية العالمية للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، التي ترسي مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب. وتشمل الإستراتيجية على جملة من الأعمال والخطوات التي تؤثر على العوامل التي كانت أصل ظهور ونمو هذه الظاهرة، بما في ذلك العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. التبادلات التجارية مع الجزائر تجاوزت 11 مليار أورو في 2011 هل هناك استعداد للتعاون في مجال تبادل المعلومات في إطار مكافحة الإرهاب؟ لدينا تجربة راسخة للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والاتفاقيات المبرمة، تتضمن تعاونا وتبادلا للمعلومات لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة. لذا، نعتبر عمل مجموعة الاتصال هاما لأنه يسهل تبادل المعلومات في مجال الدعم التقني والعملي. إيطاليا شريك اقتصادي كبير، ولكن الاستثمارات في الجزائر تظل محتشمة على عكس التبادل التجاري. هل هناك التزام لتدعيم هذا الجانب وما هي العوائق التي تمنع تطوير تواجد المؤسسات الإيطالية في الجزائر؟ في 2011 كانت إيطاليا ثاني شريك تجاري للجزائر وتجاوزت المبادلات التجارية 11 مليار أورو. وتقيم إيطاليا علاقات تقليدية مع الجزائر في قطاعات الطاقة والأشغال العمومية. ولكن المعطيات حول العلاقات التجارية تخفي أشكالا من التعاون أكثر أهمية من تسويق بعض المنتجات. فجانب كبير من الصادرات الإيطالية مشكلة من تجهيزات ومنتجات نصف مصنعة للقطاع الصناعي، وهناك علاقة متينة بين الجانبين تضم التكوين والاستشارة والمساعدة وتحويل التكنولوجيا. ونرغب في تدعيم علاقتنا لوجود فرص كثيرة في الصناعة الغذائية والحديد والصلب والطاقات المتجددة، وتدعيم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بفضل الخبرة الإيطالية. كما تولي المؤسسات الإيطالية أهمية للسوق الجزائري بدليل وفود الأعمال التي ترافقني خلال زيارتي اليوم. ماذا عن حرية تنقل الأشخاص والنتائج المحتشمة لحصة الهجرة الشرعية الجزائرية لإيطاليا على شكل عقود عمل، وما الذي يمكن فعله لاحتواء الهجرة غير الشرعية ؟ هناك تعاون ممتاز مع السلطات الجزائرية في الوقاية من مكافحة تدفقات الهجرة غير الشرعية، يرتكز على الاتفاق الثنائي لإعادة الإدماج الساري المفعول منذ .2006 وهذا الاتفاق مكن من توفير الظروف الملائمة لظروف دخول وإقامة الرعايا الجزائريين للتراب الإيطالي وسوق العمل الإيطالي. ففي 2011 ارتفع عدد التأشيرات المسلمة للجزائريين بنسبة 20 بالمائة مقارنة ب,2010 منها 45 بالمائة تأشيرات أعمال. كما استفادت الجزائر منذ 2007 من حصة مخصصة في إطار ''مرسوم التدفقات''، ولأول مرة في 2012 استفاد العمال الموسميون الجزائريون من إمكانية التوجه إلى إيطاليا. كيف تقيمون العلاقات المغاربية، لاسيما الجزائرية المغربية ، وما هي سبل تسوية قضية الصحراء الغربية ؟ نحن راضون جدا لاستئناف الاتصالات الثنائية الجزائرية المغربية، خاصة مع زيارة وزير الخارجية المغربي العثماني للجزائر، وهو يأخذ بعدا إيجابيا في مسار الاندماج المغاربي، سيما بعد لقاء وزراء الخارجية في 18 فيفري. وترحب إيطاليا بمؤشرات الانفتاح، مع يقيننننا بأن اندماجا اقتصاديا أهم في منطقة شمال إفريقيا يمثل عاملا هاما للاستقرار والنمو الاقتصادي والاجتماعي في المتوسط. كما نأمل أن تساهم مؤشرات التطبيع بين البلدين إيجابيا في إيجاد تسوية لقضية الصحراء الغربية. ولقد أبقت إيطاليا موقفا متوازنا من خلال التأكيد في كل مناسبة على أن الحوار المباشر وحده بين المغرب وجبهة البوليساريو في إطار الأممالمتحدة هو الكفيل بإيجاد حل عادل ودائم للخلاف حول الصحراء الغربية، والذي يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره طبقا للترتيبات المناسبة وتوصيات مجلس الأمن والجمعية العامة. ويتسع حرصنا أيضا إلى الجانب الإنساني مع المصادقة، هذه السنة، على مساهمة بقيمة 30 ألف أورو لصالح برنامج الأممالمتحدة للاجئين، لتنظيم زيارات متبادلة بين العائلات الصحراوية القاطنة بالصحراء الغربية واللاجئين بتندوف. كما قام صندوق التعاون والتنمية بتخصيص 200 ألف أورو لدعم البرنامج الغذائي العالمي. كيف تنظر إيطاليا لما يعرف بالربيع العربي ؟ إيطاليا ملتزمة بدعم شركائها في المنطقة لضمان الانتقال الديمقراطي بالتعاون مع بقيمة المجموعة الدولية، في ظل احترام الخاصية الوطنية والشرعية واحترام حقوق الإنسان. وتقوم إيطاليا بدعم الجانب الثنائي ومتعدد الأطراف عبر إعلان دوفيل لمجموعة الثمانية لتقديم الدعم المالي والاقتصادي، وفي مجال الحكم الراشد ومراجعة السياسة الأوروبية للجوار، لتخصيص موارد إضافية للضفة الجنوبية للحوض المتوسط، بهدف تشجيع الاندماج التجاري وحرية الحركة وتواصل الشعوب. ندفع باتجاه الحل السياسي في سوريا الوضع في ليبيا مقلق وهناك مخاطر للتقسيم.. كيف تقيمون ذلك؟ كما أتيح لي ملاحظته خلال زيارتي الأخيرة لطرابلس، فإن الوضع يتسم بنوع من عدم الاستقرار. ولكن هناك مؤشرات مشجعة يوميا. ونعتبر أن التزام الحكومة الجديدة وجديتها واحترافيتها، رغم الصعوبات التي تواجهها في مجال الاستقرار الديمقراطي وإعادة البناء، يدفع إيطاليا إلى تقديم كل الدعم الممكن لإنجاح التحول الديمقراطي. كما أننا مستعدون لتقديم المساعدة لضمان مراقبة الحدود، لأنه عامل عدم استقرار لكل المنطقة، والمساعدة لإنجاح الاستقرار الاقتصادي لليبيا. ونرى أن المصادقة على قانون الانتخابات في 7 فيفري والاقتراع الذي يجري في جوان يشكلان مرحلة حاسمة ومصيرية للتحول الديمقراطي. موقف إيطاليا حيال الوضع في سوريا محتشم وإن طابق الموقف الأوروبي.. ما هو موقفكم إزاء هذا الملف؟ إيطاليا من بين أول البلدان التي كانت لها ردود فعل إزاء الأزمة السورية، وتدفع مع شركائها لإيجاد حل سياسي يمكن أن يساهم في إيقاف دوامة العنف والمأساة الإنسانية. وكنا من الأوائل الذين وجهوا رسائل واضحة للحكومة السورية على المستوى الثنائي ومع شركائنا الأوروبيين، وقمنا بالتحرك على محور المساعدة الإنسانية لفائدة اللاجئين السوريين، وقدمنا 3 ملايين أورو إضافية لتقديم مساعدات. كما اتخذنا إجراءات عقابية ضد النظام القائم في سوريا لحمل الرئيس بشار الأسد على الاستجابة لتطلعات شعبه، مع دراسة التبعات السلبية لهذه التدابير على المدنيين. وعلى المستوى الدولي، تدعم إيطاليا مخطط العمل المعتمد من قبل الجامعة العربية، كما نحيي تعيين كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة مبعوثا خاصا للأمم المتحدة والجامعة العربية من أجل الأزمة السورية. كما تقيم إيطاليا اتصالات مع المعارضة السورية لتشجيعها على وضع آليات تنسيق تمثيلية مرتكزة على نظرة مشتركة لسوريا سلمية وديمقراطية، يمكن أن تضمن حقوقا عادلة لكافة المواطنين. وماذا عن مسار السلام في الشرق الأوسط وعجز الأوروبيين عن لعب دور حاسم؟ يجب أن نواصل دعمنا للرئيس عباس لإحياء المسار الدبلوماسي وتدعيم المؤسسات الفلسطينية، وتفادي حدوث أزمة مالية لدى السلطة الفلسطينية. وسيعطي اجتماع الدول المانحة في 21 ماي المقبل في بروكسل فرصة لدعم هذا التوجه، مع يقيننا بأن الضرورة تحتم لقاءات على مستوى عال بين الفلسطينيين والإسرائيليين لدعم جهود الرباعية لإعادة بعث مسار مفاوضات السلام. ويمكن لأوروبا أن تلعب دورا حاسما إذا أبقينا على تماسكنا وتوحيدنا للجهود مع الولاياتالمتحدة، فضلا عن تشجيع الدول العربية على الدعوة لإعادة بعث المفاوضات. ملف إيران النووي مطروح أيضا بحدة.. ما هي رؤية إيطاليا ؟ الملف النووي الإيراني يغذي انشغالا وقلقا بالغين، ونحن ملزمون مع شركائنا بمنع إيران من مواصلة عسكرة برنامجها النووي، والذي ستكون له تبعات سلبية على المنطقة. كما نطلب من إيران التعاون مجددا بنية حسنة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأدى خرق إيران لالتزاماتها الدولية إلى تدعيم العقوبات المفروضة في إطار الاتحاد الأوروبي، لدفع إيران إلى التفاوض بجدية دون شروط مسبقة.