قوات الأمن اقتحمت شقة زوليخة فجرا واقتلعت الباب ينتظر أن يصل، اليوم الخميس، جثمان الشاب محمد مرّاح إلى الجزائر العاصمة، قادما من مدينة تولوز، على أن يتم تحويله لاحقا إلى مدينة مسقط رأس والده محمد بن علال بولاية المدية لدفنه غدا الجمعة، حسب معلومات ''الخبر'' من مصادر قريبة من عائلة الشاب مرّاح، ومن المنتظر أيضا أن ترافقه أيضا أمه زوليخة وإحدى أختيه في هذه الرحلة. قصدت ''الخبر''، أمس، مقر القنصلية الجزائرية بتولوز للحصول على معلومات أكثر حول القضية، لكن أحد الموظفين هناك نفى علمه بما يجري من تحضيرات، مؤكدا أن ''القنصل غائب عن مكتبه لانشغالات مرتبطة بالتحضير للانتخابات التشريعية المقبلة''. وفي سياق التحقيق الذي تنشره ''الخبر'' على حلقات منذ ثلاثة أيام، حصلنا على معلومات جديدة تخص حياة الشاب محمد مرّاح ووالدته زوليخة، التي تتنقل متخفية من منزل إلى منزل لدى أقاربها في تولوز منذ حادثة مقتل ابنها محمد، كما أنها ترفض الحديث للصحافة. وتفيد أحدث المعلومات التي حصلنا عليها من أصدقاء محمد في الحي الذي توجد فيه شقة والدته زوليخة، الكائنة بحي ''ريكتار دوتان'' بمنطقة ''بال فونتان'' أن الشاب القتيل محمد مرّاح دخل السجن في قضية سرقة لمدة 18 شهرا بين عامي 2008 و2009، وهي الفترة التي زعمت بشأنها وسائل الإعلام الفرنسية أن مرّاح زار فيها أفغانستان وباكستان. وفي هذا السياق، قال سفيان، نقلا عن صهره الذي كان يقاسم محمد مرّاح زنزانة واحدة بسجن سان ميشال بتولوز، إن ''محمد كان شخصا عاديا بأتم معنى الكلمة، وكان يؤدي الصلاة فعلا، ولكنه كان يشاهد معنا الأفلام في الزنزانة، ولا يبدي أي اعتراض عليها''. ويضيف سفيان قائلا: ''لم يكن يتحدث عن الجهاد ولم يكن يطلق لحية، ولقد كان مهموما بجلب المال للعيش والحديث عن مغامرات السرقة''. أما السيد لعرج بن شنديخ، أحد جيران زوليخة، والدة محمد، التي تسكن في الطابق التاسع بالعمارة رقم 11 في هذا الحي العربي، فيؤكد في شهادته ل''الخبر'' أن ''محمد زار والدته على الأقل مرة واحدة في الأسبوع الأخير الذي سبق عملية قتله، وخلالها جاء يطلب مصروف الجيب، وقد شاهدته بعيني وهو يتجه مباشرة لشراء ساندويتش هنا في الحي''، ليضيف مستدركا بقوله ''لا أعتقد أنه الفاعل لتلك الجرائم التي نسبت له''. ويشير السيد قارة مصطفى، وهو من جيران والدة محمد، إلى أن ''سيدة فرنسية ظهرت في التلفزيون عند مقتل الجنود في مونتوبان وقالت إنها شاهدت القاتل وكان شخصا ضخما وأبيض اللون ويحمل أوشاما، لكن جرى لاحقا نفي هذه الشهادة، ولهذا نحن نشكك في رواية السلطات حول تحميل محمد مرّاح مسؤولية مقتل هؤلاء الجنود''. ويروي جار آخر يسكن فوق شقة السيدة زوليخة ل''الخبر'' الساعات التي سبقت اقتحام مصالح الأمن شقة والدة محمد بقوله ''قبل يوم من حادثة محاصرة محمد مرّاح في حي كوت بافي، كنت هنا في الشرفة الجماعية أقرأ جريدة، وقلت للجارة زوليخة: أنظري ماذا فعل هذا الشاب (يقصد ولدها دون علم منهما معا بأنه محمد)، لقد فعل كارثة، فأجابتني أنها خائفة وستدخل وتقفل الباب على نفسها في ظل استفحال الجرائم''. ويضيف المتحدث قائلا: ''في صباح اليوم الموالي، أي الإثنين، على الساعة الرابعة صباحا، تفاجأت بصوت عنيف، وعندما نزلت الدرج شاهدت رجلي أمن يقتلعان باب شقة زوليخة، ثم دخلا وأخذاها معهما، ثم عرفنا لاحقا بالقصة وبأنها هناك معهم لإقناع محمد كي يسلم نفسه''. ولا يصدق جيران السيدة زوليخة في حي ''بال فونتان'' إطلاقا قصة السلطات الفرنسية بكون محمد مرّاح إرهابيا، وأنه قاتل الجنود والطلاب اليهود، ويعتقدون أن الأمر له علاقة مباشرة بالانتخابات. ويقولون إن ''فوز ساركوزي بانتخابات الرئاسة لن يمر عبر تشويه المهاجرين الجزائريين''. وبسبب هذه الحادثة لا يتوقف الجيران عن زيارة بيت السيدة زوليخة وتقديم واجب العزاء والمواساة. ويؤكد أصدقاء محمد في حي بال فونتان، أن محمد ذهب مع بعضهم فعلا إلى ملهى اسمه ''كاليبسو'' يقع على الطريق بين مونتوبان وكريزول في تولوز. إجراءات سرية لتأمين ترحيل جثمان محمد مرّاح إلى الجزائر وبخصوص قضية ترحيل جثمان محمد مرّاح، فقد تم أمس نقل جثمانه إلى مطار تولوز في سرية تامة تحسبا لنقله إلى الجزائر، وذلك باتفاق وتنسيق مسبق بين السلطات الفرنسية والجزائرية، وجرت عملية تسوية وثائق استخراج شهادة الوفاة طيلة اليومين الماضيين. وقد أحاطت سلطات مدينة تولوز العملية بكثير من السرية، وحسب معلومات ''الخبر'' فقد كانت السلطات الفرنسية صارمة في رفض دفن جثمان محمد مرّاح في مقبرة تولوز، خوفا من أعمال انتقامية، خصوصا وأن تولوز تسكنها جالية يهودية كبيرة. وفي هذه الأثناء، تواصل مصالح الأمن الفرنسية عمليات البحث عن شخص ثالث يشتبه بعلاقته بالقتيل محمد مرّاح، وتقول مصالح الأمن إن ''إرسال نسخة من فيديو عمليات القتل المنسوبة لمحمد مرّاح لمقر قناة الجزيرة الناطقة بالفرنسية، قيد التأسيس، يؤكد وجود أشخاص آخرين لهم علاقة بمحمد مرّاح''. وألقت المعلومات التي جرى تداولها في وسائل الإعلام بخصوص زيارة مفترضة لمحمد مرّاح إلى إسرائيل إضافة إلى أفغانستان وباكستان غموضا أكبر على الملف، كما أثارت تصريحات رئيس المخابرات الداخلية الفرنسية السابق إيف بونيي، حول علاقة مفترضة بين محمد مرّاح ومصالح الاستعلامات الفرنسية، وأنه ''يكون قد عمل كمخبر لديها''، ردود فعل شديدة سارع معها المدير الحالي لجهاز الاستعلامات لتكذيبها ونفيها جملة وتفصيلا.