أخفى رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم عن الإعلاميين أن عدد الإجازات تقلّص هذا الموسم بشكل ملفت للانتباه، وأصبح عدد ممارسي الكرة مائة وخمسة عشرة ألفا، بعدما كان الحديث عن المائة وخمسين ألفا مفخرة محمّد روراوة خلال كل جمعياته العامة. عزوف الشبّان عن ممارسة الكرة لم يكن خيارا إراديا، أو أن اللّعبة الأكثر شعبية لم تعد الهواية المفضّلة لهؤلاء، إنما يعود ذلك إلى نظام المنافسة الذي دعا إليه رئيس ''الفاف'' ليكون نظاما يخدم الاحتراف على حساب الأندية الهاوية الصغيرة، التي زادت نفقاتها باتساع الرقعة الجغرافية خلال التنقلات من جهة، وتقلّص عدد الأندية في الأقسام الدنيا ما يجعل إجراء منافسة كروية مستحيلا. اقتصار تفكير العضو الجديد للمكتب التنفيذي ل''الفيفا'' على ما يروق بلاتير، بتلميع صورة كرة القدم المحترفة في الجزائر، جعل خدمة كرة القدم الجزائرية بشكل صحيح آخر اهتماماته. ومن هذا المنطلق، تفشّت مظاهر العنف في كل الملاعب، وتنامى داء بيع وشراء المباريات، وانتشر الاعتداء بالخناجر وحمض الأسيد على المنافسين، وكثرت الاحتجاجات على مختلف الرابطات، وعلى الحكّام، وعلى البرمجة العرجاء التي تخدم أندية على حساب أخرى. وليت ''التملّق'' لبلاتير بواجهة كروية محترفة جعلنا فعلا على الطريق الصحيح في نهج الاحتراف الحقيقي للكرة، فلا نحن عالجنا فوضى الأقسام السفلى، ولا نحن قدّمنا مشروعا حقيقيا للاحتراف، فما فرضه رئيس الاتحادية على الكرة الجزائرية من خيار ثبت، بالدليل والحجة، بأنه مشروع مفلس، ضمن به محمّد روراوة ''تلميع'' صورته على مستوى الهيئات الكروية الدولية، إلى حين انتهاء عهدة ''الحاج'' على رأس ''الفاف''، ويكون ساعتها الاحتراف في الجزائر قد مات ودفن. حين نقحم أندية بالجملة في مشروع غير مدروس جدا، ونفرض نمطا جديدا لممارسة الكرة دون تفكير وتشاور وتحضير مسبق للمرحلة الانتقالية، وتكون نتائج ذلك إفلاس للأندية وعجز ''جماعي'' على مسايرة التغيير، فذلك لا يعني سوى أن من أقرّ ذلك بنظرة أحادية لا تقبل النقاش والرأي الآخر، إما أنه شخص مغامر، وإما أن ''غايته الحقيقية'' هي التي تبرّر ''وسيلته''. بعد سنة من الآن تنتهي عهدة محمّد روراوة على رأس ''الفاف''، ويبقى الرجل في زيوريخ وفي كل الهيئات الكروية التي بلغها بفضل الكرة الجزائرية، وتكون هذه الأخيرة أيضا مع نهاية فترة انتقالية لما سمّي احترافا، ولن نحتفظ حينها سوى بمظاهر العنف والمقاعد المكسرة والكاميرات المحطّمة، وتبادل الاتهامات بالرشوة، وبأندية عريقة لكنها عقيمة تبحث عن مستثمرين، وتقول ''لله يا محسنين''. [email protected]