ما الذي يعنيه، في عرف مديرية ثقافة، أن تطلب من كاتب، بناء على دعوة منها إلى حضور ملتقى تنظمه، أن يدفع من جيبه تذكرة السفر بالطائرة، ومصاريف الطاكسي، من وإلى المطار، وفاتورة أكله وشربه، وربما مبيته أيضا في العاصمة، قبل أن يبلغ مدينة برج بوعريريج مثلا، على أن يقدم لها ثبوتات ذلك كله أوراقا، مع صك مشطوب من حسابه البريدي الجاري أو أرقامه العشرين، لتنظر في أمر تعويضه لاحقا عندما تحوّل لها الميزانية؟ لكأن مثل تلك المديرية ''دايرة'' في الكتاب والباحثين ''مزية'' حين تدعوهم! إن ذلك يرجرج عظام عبد الحميد بن هدوفة في قبره، ويكرب روحه هنالك! ولو بعث، لاستنكر ذلك، ولرفضه، ولطالب فورا بوضع حد لمثل ذلك السلوك، لأنه، كما عرفه الكتاب والباحثون ممن عايشوه، لن يرضى أبدا أن يتعرّض كاتب أو مثقف لطيش من الإدارة. فهل تدرك الجهة المنظمة لملتقاه هذا؟ فالشرف كله يعود إلى الكتاب والباحثين الذين أسهموا في كل دورة، بما أعطى ملتقى الرواية بعده الحضوري والمعرفي والأكاديمي الذي تكرّس له، لا إلى إدارة تستطيع غيرها، في ولاية أخرى، أن تكون أكثر كفاءة في التنظيم وأسمى حفاوة بالمدعوين وأسخى تعويضا لجهد المتدخلين بعروضهم. الكتاب والباحثون يعرفون مديريات ثقافة ودور ثقافة، ولو كانت قليلة جدا، كانت معهم، في الملتقيات التي تنظمها، على كرم وسخاء فائضين. فإنه إلى الدورة الأخيرة، لم يتلق يوما كاتب أو باحث، من المديرية المنظمة لملتقى عبد الحميد بن هدوفة، دينارا واحدا كمكافأة له على إسهامه المقدم، والذي يعاد نشره في الكتاب الخاص بالملتقى. إنه، إذا، لسلوك يمس بالحق في التعويض عن الملكية الفكرية. فهل تعي المديرية هذا؟ وما الذي يعنيه، في عرف مديرية ثقافة، أيضا، أن تسترد، في غفلة من الكاتب ومن دون إشعاره، مبلغ تذكرة سفر كانت حجزتها له، في الدورة السابقة، بذريعة عدم استعمالها في الفترتين المحدّدتين للاستقبال والمغادرة؟ وهل سمعت منه، وهو أمر مشين جدا إن فعلت ذلك، بأي وسيلة أخرى حضر الملتقى أو غادره لأنه قد يكون تعذّر عليه استعمال الطائرة لأسباب قاهرة؟ لأن هذا الكاتب وجد نفسه، لما تقدم بعد أيام من ذلك إلى مكتب الخطوط الجوية في مطار وهران لاستخراج بطاقة السفر المعنية لاستعمالها نحو العاصمة، في حرج كبير. ولولا تدخل إحدى المسؤولات لتكشف له أن البطاقة لم تستعمل وإنما استردها مصدر الدفع، لكان اتهم بالباطل يدا ما تكون حوّلتها باسم شخص آخر. فقد استغرق فك اللغز، مع المسؤولة، ساعة كاملة. لبعض هذا، كنت رددت على الاتصال بي هاتفيا، من أجل دعوتي إلى حضور ملتقى بن هدوفة، بأنه يتعذّر عليّ الحضور ما لم ترسل إليّ تذكرة السفر مسبقا. وكنت، لو عاودوا الاتصال، لطلبت إليهم، لأول مرة، دفع تعويض عن أتعابي. ذلك، ليعلم الأصدقاء من الكتاب والباحثين، في لجنة التنظيم العلمية خاصة، أن ملتقى عبد الحميد بن هدوفة للرواية وصل به الأمر إلى وضعية تفرض ضرورة ملحة لإعادة صياغة أهدافه وتحديد أساليب تنظيمه، بتثمين جهد المسهمين في ترسيخه وبحفظ كرامتهم.