بين توقع رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، بأنه لن تتجاوز نسبة المشاركة في الاقتراع حدود ال15 بالمائة، وبين تمنيات الأمين العام للأفالان، عبد العزيز بلخادم، الذي وضعها في حدود 45 بالمائة، يواجه موعد 10 ماي هاجس العزوف بقوة. في المقابل، بين استبعاد وزير الداخلية فوز أي حزب بالأغلبية وتأكيد أكثر من حزب، على غرار تكتل الجزائر الخضراء، بأنه صاحب الأغلبية ولن يمنعه من ذلك سوى ''التزوير''، يظهر هو الآخر أن الانتخابات يتهددها تشتت للأصوات ولألوان الطيف الحزبي. وتكشف الصورة التي خرجت بها قيادات الأحزاب من تجمعاتها بالولايات، خلال أيام الحملة الانتخابية، أن ضبابية كثيفة تحيط بالاقتراع، ولم يتبين منها إلى غاية اليوم بجلاء توجهات 21 مليون من الناخبين أحصتهم وزارة الداخلية، إن كانوا من المقتنعين بما سمعوه طيلة 21 يوما أو كانوا ضمن من يصنفون في خانة غير المبالين أو العازفين أو المقاطعين لهذا الموعد الانتخابي. ولم تعط التجمعات واللقاءات الجوارية، التي تداول على تنشيطها أزيد من 44 حزبا وعشرات القوائم الحرة، أي بارومتر للسياسيين حول حدود المشاركة والمقاطعة، رغم أن هذه التجمعات كانت تمثل مؤشرا من المؤشرات التي يقاس بها نبض الشارع ودرجة تفاعله مع الانتخابات. ويكون هذا الأمر وراء اتساع الهوة بين ما يتوقعه حزب في المعارضة مثل الأفانا الذي حدد نسبة المشاركة في حدود 15 بالمائة، وبين حزب مخضرم في السلطة كالأفالان الذي جعلها في حدود 45 بالمائة، ما يعني أن السر في هذه الانتخابات هو المشاركة الشعبية أكثر منها البحث عن الفائز فيها، وذلك على اعتبار أن أغلبية متصدري القوائم المعروفين لدى الرأي العام بإمكانهم الفوز بالنيابة. وبالنظر إلى عدد الأحزاب المشاركة (44 حزبا زائد تكتل) وكذا عشرات القوائم الحرة، واعتماد نظام انتخابي يقوم على النسبية، فإن كل المعطيات ترجح تشتت الأصوات بين عدد معتبر من الأحزاب، ما يوحي بأن البرلمان المقبل سيكون مشكلا من ''فسيفساء'' تكون مقدمة لإعادة نسج تحالفات لتشكيل ما يسمى ب''الأغلبية البرلمانية'' التي تسمح بتشكيل حكومة من جهة، ومن جهة ثانية تمكن رئيس الجمهورية من تنفيذ بقية برنامجه الخماسي، خصوصا أن الدستور الحالي يجعل كل المفاتيح بيد الرئيس. وبإمكان السلطة أن تجد الأغلبية التي تحتاجها، حتى لو تراجعت نتائج أحزاب السلطة المعروفة، وذلك لكون أغلبية الأحزاب الجديدة تسير بطريقة أو بأخرى في فلك منظومة الحكم وليست مستعدة للوقوف في طابور المعارضة ولو للحظة.