تواصل ''الخبر''، بالتنسيق مع مديرية الموارد البشرية بوزارة التربية، عرض شروحات تتعلق بالقانون الأساسي لموظفي القطاع المعدل مؤخرا، حيث تكشف هذه المرة قضية تثمين العمل التربوي، خصوصا ما تعلق برتبة المدير أو الناظر، وكيف يمكنه أن يمارس سلطته على من يساويه في الرتبة والراتب أو يفوقه. تكشف مديرية الموارد البشرية بوزارة التربية أن التفريق بين المسارين الإداري والبيداغوجي يترتب عنه، حتما، تثمين العمل التربوي، وبالتالي تحفيز المربي على تقديم أفضل ما لديه في إطار العملية التعليمية المحضة ''داخل القسم مع التلاميذ''، إذ أن ذلك هو محور النظام التربوي برمته، وفي نفس الوقت يحرر المسار الإداري ممن يمكن أن يندمجوا فيه دون رغبة حقيقية، خاصة وأنه كان مسار الترقية الوحيد. ويتساءل، في هذا الإطار، كيف يمكن للمؤطر، مديرا أو ناظرا، أن يمارس سلطته على من يساويه في الرتبة والأجر أو يفوقه؟ مثل هذا التساؤل يعبر عن خلفية ثقافية وفكرية مختلفة عن الفلسفة التي بني عليها العمل في هذا القانون، حيث إن ترتيب السلطة السلمية وممارستها لا علاقة له بالتصنيف أو الأجر، فهناك أمثلة واقعية، حيث أن مدير مستشفى برتبة متصرف إداري يمارس مهامه في تأطير وتنظيم أداء أساتذة متخصصين في الطب ممن درسوا 11 أو 12 سنة بعد البكالوريا، مرتبون خارج التصنيف، وقد يتقاضون أضعاف ما يتقاضاه المدير ولا يعيب ذلك أحدهما. ويحصل ذلك أيضا في الرتب العسكرية، فإن نفس الرتبة قد ينظم بعضها أعمال بعض، ولا يعاب ذلك إطلاقا، حيث إن تصور الفوقية على من تمارس عليهم سلطة ضمن المهام الموكلة إليهم تصور تقليدي تجاوزه الفكر الإنساني، كما إن اكتساب السلطة أو ممارستها أو تدرجها إنما تحدده طبيعة وتفاصيل المهام الموكلة لكل رتبة، فمدير المؤسسة التربوية مثلا يكتسب سلطته من طبيعة مهامه المنصوص عليها قانونا، لاسيما المواد 153 و156 و159، والتي تنص صراحة أنه ''يكلف مدير الثانوية بالتأطير البيداغوجي والتسيير الإداري والتنشيط التربوي، ويكون آمرا بصرف ميزانية المؤسسة، طبقا للتنظيم المعمول به، ويمارس بصفته موظفا موكلا من الدولة سلطته على جميع الموظفين والأعوان العاملين في المؤسسة، ويكون مسؤولا على حفظ النظام وأمن الأشخاص والحفاظ على الممتلكات. ويكون مؤهلا بهذه الصفة لاتخاذ التدابير الضرورية لضمان حسن سير المؤسسة''، فيبدو جليا، من خلال ذلك، أن ممارسة السلطة أو اكتسابها لا علاقة له بالترتيب أو الأجر. كما أن هناك تساؤلا آخر تعرضه مديرية المستخدمين حول الإدماج والترقية في رتبة الأستاذ المكون، خاصة وأنه مرتب في نفس ترتيب المدير في المراحل التعليمية الثلاث، حيث إن الترقية في رتبة الأستاذ المكون تخضع للشروط العامة للترقية، والتي هي الامتحان المهني والتسجيل على قائمة التأهيل في حدود المناصب المطلوب شغلها ''46 مكرر، 58 مكرر، 72 مكرر''، ومن الرتبة الأدنى مباشرة، وهي رتبة الأستاذ الرئيسي، وبالتالي فلا يمكن الوصول إليها إلا بعد أقدمية معتبرة. أما الإدماج الذي حصل فهو مفهوم آخر مختلف تماما عن مفهوم الترقية، حيث إن الإدماج من أحكام المرحلة الانتقالية، والتي لا تطبق إلا مرة واحدة عند التأسيس للرتبة الجديدة ''المواد 48 مكرر، 60 مكرر، 72 مكرر'' من جهة، بالإضافة إلى أن المناصب المالية المدمج عليها تعتبر مكسبا لمستقبل الترقية في ذات الرتبة لمن سيرقى إليها مستقبلا، لأن هذه المناصب ليست مرتبطة بالأفراد الذين استفادوا منها الآن. وتذكر مديرية الموارد البشرية أن المعايير التي طبقت في الإدماج التأسيسي لهذه الرتبة في أحكام المرحلة الانتقالية كانت موحدة للجميع في الأطوار الثلاثة دون تمييز، تحقيقا للانسجام والتوازي بين الأطوار، أما من حيث المهام التي أنيطت بهذه الرتبة ''فسنعود إليها حين الحديث عن الرتب المستحدثة''. وفي هذا السياق، تنص المادة 10 من الأمر 06/03 على أن مناصب التأطير والإدارة هي مناصب عليا، غير أن تطبيقات هذه المادة في قطاع التربية، ذي الخصوصية، لم تكن ملائمة، ما اقتضى العودة بها إلى الرتب كما كانت من قبل، وكما نص عليها القانون التوجيهي للتربية، وهو ما سيتم تناوله في الموضوع القادم.