تشهد مراكز البريد على مستوى العديد من الولايات، نقصا حادا في السيولة النقدية، حيث توقفت المعاملات نهائيا في بعض المناطق الداخلية بسبب سوء تسيير الحصص المالية الموزعة على المكاتب الولائية، أين يتم التركيز على المناطق الكبرى دون مراعاة أي معيار. كشفت مصادر مسؤولة من مؤسسة بريد الجزائر، عن حالة غليان كبيرة داخل مراكز البريد المنتشرة عبر مختلف ولايات الوطن وتسبب ذلك في حرمان زبائن المؤسسة من سحب أموالهم وتقييدهم في كثير من الحالات، بقيمة معينة لا تتجاوز 10 آلاف دينار. ولم يجد المواطنون الذين تحدثت إليهم ''الخبر'' في عدد من المناطق الداخلية للوطن، تبريرا لاستمرار ندرة السيولة النقدية في مراكز معينة، في حين أن المشكل غير مطروح في بعض البلديات والدوائر الكبيرة، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الأزمة. وقالت المصادر التي تحدثت ل''الخبر''، بأن الإدارة تقف وراء ما وصفته ب''التمييز'' الكبير في توزيع الحصص المالية. فبعد أن كانت العملية تتم بالتنسيق مع القابض الرئيسي لكل ولاية، بمعدل حصة كل يومين، حسب الاحتياجات المسجلة، أصبحت العملية تخضع، تضيف مصادرنا، لمعايير لا علاقة لها بما هو معمول به، كأن تستفيد مدينة كبيرة بضعف احتياجاتها على حساب ولاية داخلية تقع بجوارها، دون أن تقوم المصالح المختصة بتوزيع ''الفائض'' من هذه الأموال على المراكز التي تعاني نقصا في السيولة مثلما كان معمول به في السابق. ويعرّض هذا الخلل في توزيع الحصص المالية، حوالي 20 ألف عون شباك يعملون على مستوى مختلف مراكز البريد المنتشرة عبر الوطن، إلى انتقادات لاذعة من قبل زبائن بريد الجزائر، حيث يجدون أنفسهم في مواجهة مشكل لا دخل لهم فيه. الأزمة تدخل عامها الثاني في غرب البلاد يستيقظ سكان مدينة وهران، كل يوم على مشهد طابور طويل أمام مقر البريد المركزي في شارع محمد خميستي، متشكل من مواطنين يقيمون في المدينة وآخرون يقصدونها ''للفوز'' بمرتباتهم التي لا يستطيعون تحصيلها في بقية مراكز بريد الولاية وخارجها. ويتحمل الكثير من سكان الولايات المحيطة بوهران، عناء التنقل باكرا للوصول إليها قبل طلوع الفجر، ثم يتوجهون مباشرة إلى مقر البريد المركزي ليصطفوا في الطابور مع الأوائل، في حين تتشكل نفس الطوابير في مختلف مراكز بريد الولاية، وحتى الجديد، مثل بير الجير وحي جامعة العلوم والتكنولوجيا وغيرها من طرف السكان المجاورين لها، حيث تشترك كل هذه المراكز في كونها توقف خدمات تسديد الأموال لطالبيها في حدود الساعة ال 11 صباحا، بعد نفاذ السيولة المالية. وصار عمال البريد يتعرضون لضغوط ومضايقات كبيرة من طرف المواطنين، كما أنهم يعيشون ضغطا آخر من طرف معارفهم الذين يطلبون منهم تسبيقهم في التخليص، وهو ما يسبب أيضا حالات فوضى عندما يشاهد الزبائن مثل هذه الحالات. يذكر أن هذه الأزمة تعصف بالقطاع منذ عام وبلغت ذروتها في رمضان الماضي، حينها بررت مؤسسة بريد الجزائر، ذلك بعجز البنك المركزي الجزائري عن توفير السيولة المطلوبة، كما أن ارتفاع معدل السحب للزبون الواحد من 7000 و8000 دينار خلال سنتي 2005 و 2006 إلى 20 ألف دينار خلال سنة 2010 وذلك بسبب ارتفاع الأجر الشهري للمواطنين موازاة مع الزيادات التي أقرتها الحكومة، زاد من تعقيد الأزمة.