تتحوّل عملية تركيب المكيّفات الهوائية، مع حلول فصل الصيف، إلى مهنة مربحة يتنافس عليها، إلى جانب أهل الاختصاص، البناؤون، البطالون وعمال الترصيص، رغم الأخطار التي تشكلها العملية، سواء فيما تعلق بمصير الجهاز بعد تشغيله أو طريقة وضعه على جدران العمارة، والتي قد تتحوّل إلى خطر يهدّد المارة على وجه الخصوص. التركيب بألفي دينار يكلف صاحب الجهاز خسارة بالملايين مكيّفات تسقط وأخرى تتوقف بعد شهر من التشغيل اتحادية حرفيي تصليح وتركيب أجهزة التبريد تطالب بتقنين الحرفة حذّرت اتحادية حرفيي تصليح وتركيب أجهزة التبريد، من خطر التعامل مع أشخاص غير مؤهلين ولا علاقة لهم بالمهنة، يقومون بتركيب مكيّفات هواء بطريقة عشوائية، دون احترام معايير السلامة والأمن، وغالبا ما يتسبّب ذلك في عطل الجهاز بعد شهر من تشغيله، أو سقوطه من جدار العمارة، متسبّبا في مقتل المارة. كشف رئيس الاتحادية الوطنية لحرفيي تصليح وتركيب أجهزة التبريد التابعة لاتحاد التجار والحرفيين، عز الدين بودبوز، عن فوضى كبيرة في سوق تركيب وتصليح مكيّفات الهواء، مشيرا إلى أن تهافت الزبائن على اقتناء هذا النوع من الأجهزة بحلول الصيف، وفي نفس التوقيت، وسعيهم جميعا إلى تركيبها دون مراعاة الشروط، خلق ضغطا كبيرا، وتسبّب في بروز عمال تركيب ''طفيليين'' لا يحملون أي تكوين أو تأهيل علمي، يقومون بهذه الخدمة مقابل أجر لا يتعدى ألفي دينار. وحمّل محدثنا عائلات كثيرة مسؤولية الخطر الناتج عن تركيب أجهزة كهربائية دون احترام معايير الأمن والسلامة، لأن كل ما يهمها البحث عن أقل تكلفة، على حساب نوعية الخدمة المقدمة، وبالتالي سلامة أفرادها وجيرانها وكذا المارة في حال ما تم تركيب المكيّف في جدار عمارة من عدة طوابق. وأصبح بذلك، يضيف، مرصصو الحي مثلا يتخصصون في تركيب مكيّفات الهواء بمجرد ظهور أولى علامات الصيف، بعلم من الزبائن، فالأمر لا يهم بالنسبة لهم، لأن تركيب المكيّف لا يختلف عن تركيب الهوائيات المقعرة الذي تحوّل إلى هواية لمن لا عمل له. وحسب ممثل الاتحادية، فإنه لا يمكن أبدا الفصل بين تركيب مكيّفات الهواء وتصليحها، لأن الاختصاصيين مرتبطان، ويدخلان في التكوين الذي يتلقاه مهنيو القطاع على مستوى مراكز التكوين المهني، في حين يقتصر عمل الأشخاص الذين امتهنوا الحرفة، دون تأهيل، في التركيب فقط، بدليل الأعطاب الكثيرة المسجلة بعد شهر أو شهرين من تشغيل الجهاز، ليضطر الزبون في النهاية إلى تحمّل عناء وأعباء التنقل إلى المحل الذي اقتنى منه الجهاز لتصليحه، لكن في حال ما إذا كان المحل يضمن خدمة ما بعد البيع. وحذّر بودبوز من خطر تركيب مكيّف الهواء من قبل أشخاص غير مؤهلين، بالنظر إلى ما سيترتب عن ذلك، حيث غالبا ما يتم تسجيل عمليات تركيب عشوائية، تتجلى خطورتها في اندلاع شرارة كهربائية، بسبب عدم تغليف النحاس الموجود في الواجهة الخارجية، أو تسرّب الغاز كليا، وأخطر من ذلك، سقوط المكيّف الذي يزن أكثر من 40 كلغ من شرفات وجدران العمارات، ما يتسبّب لا محالة، حسب محدثنا، في مقتل المارة. والغريب في الأمر، يضيف، أن العائلات ''تشتري'' كل هذه الأخطار بمبلغ لا يتجاوز ألفي دينار، بدل الاستعانة بأعوان مهنيين مختصين في هذا المجال، يتقاضون ما بين 5 و7 آلاف دينار، لكنهم يقدمون خدمة نوعية، تراعي جميع شروط ومعايير أمن وسلامة الأشخاص. الاقتراض أو الشراء بالتقسيط لمواجهة حرارة الصيف المكيّفات تغزو البيوت بالجنوب لا يخلو أي بيت في الوقت الحالي بأغلب ولايات الجنوب عامة والأغواط خاصة، من مكيّف هوائي أو أكثر، نتيجة الحرارة الشديدة التي تميّز فصل الصيف، وتحوّل أجهزة التكييف إلى وسائل أساسية لمواجهة موجة الحر. يقبل سكان ولاية الأغواط، منذ سنوات، على اقتناء أجهزة التكييف، رغم سعرها المرتفع للتمكن من مواجهة الحرارة الشديدة في فصل الصيف، والذي يتزامن في هذه السنوات مع شهر رمضان، حيث لا يتوانى الكثير في الاقتراض أو اقتنائه بالتقسيط لتركيبه في البيت والتمكن من تخفيف لفح الحرارة، رغم استهلاكه للكهرباء وتضاعف الفاتورة خلال فصل الصيف، لاسيما للذين يمتلكون عدة أجهزة، يتم تركيبها في غرف النوم والجلوس والضيوف. كما أن هذه الأجهزة عمّمت على مختلف الإدارات والمؤسسات، لضمان راحة الموظفين وقاصديهم من المواطنين، وكذلك بالمساجد والأماكن العمومية، وأيضا على الكثير من المؤسسات التربوية التي تحتضن امتحانات نهاية السنة الدراسية، رغم تعطل بعضها لغياب الصيانة والتركيب الجيّد أثناء تشغيلها. والملاحظ أن هذه الأجهزة تنتشر بمختلف محلات بيع الأجهزة الكهرومنزلية، على اختلاف ماركاتها المحلية والمستوردة، وكذلك طاقاتها حسب حجم الغرف والقاعات، بأسعار تفوق أو تقارب 30 ألف دينار، الأمر الذي جعل الكثير من المستهلكين يقتنونها بالتقسيط رغم ارتفاع سعرها، أو اللجوء للخدمات الاجتماعية وحتى للاقتراض، لأن المكيّفات أصبحت وسائل أساسية في الحياة اليومية خلال فصل الصيف. كما أن المواطن يتحمّل عواقب اقتنائها المفرط، بتسديد فواتير تفوق المليون سنتيم خلال هذا الفصل، رغم دعم الدولة في فاتورة الكهرباء وكذا انقطاعات الكهرباء في هذه الفترة الحارة، نتيجة تزايد استهلاكها إلى حدود قياسية أثناء فترة القيلولة والليل وعجز الشبكة الكهربائية عن توفير احتياجات المواطنين من هذه الطاقة الحيوية التي تكلف غاليا في فصل الصيف. شاهد من أهلها ممثل الحرفيين والمهنيين في اتحاد التجار ل''الخبر'' ''ماركات عالمية تخرق القانون وتحتكر سوق تركيب المكيّفات'' يتهم رئيس اتحادية حرفيي تصليح وتركيب أجهزة التبريد، عز الدين بودبوز، منتجي مكيّفات الهواء باحتكار السوق الوطنية، فيما يخص عمليات التصليح والصيانة، بما يتعارض مع المعايير المعمول بها في جميع الدول، ويطالب بضرورة إلزام هؤلاء بفسح المجال أمام الحرفيين والمختصين لتولي العملية، مثلما ينص عليه القانون. تمثلون أعوان تركيب وتصليح مؤهلين ومكوّنين، فما هو مجال تدخلكم؟ نحن نعمل وفق اتفاقيات مع شركات منتجة لمكيّفات الهواء، وطنية وعالمية، تقوم بمنحنا عقودا لتولي عمليات التركيب والتصليح والصيانة لزبائنها، كوكلاء معتمدين في الجزائر. لكن الحصول على هذه العقود ليس أمرا سهلا، وكثيرا ما يخضع لوساطة. معنى ذلك أنكم لا تتحصلون على صفقات عمومية من قبل الهيئات والمؤسسات؟ تم إقصاؤنا من حق المشاركة في المناقصات والحصول على الصفقات العمومية، لأننا مطالبون بتقديم شهادة التأهيل من السلطات الولائية التي لا يحوز عليها أغلب الحرفيين، لأنهم لا يملكون مؤسسات مختصة، ويعملون لحسابهم الخاص في محلات صغيرة. فأعوان التركيب والتصليح هم في الحقيقة تقنيون وتقنيون سامون، يعملون وفق سجلات تجارية أو بطاقة الحرفي. وكيف ترون الحل إذن؟ السلطات العمومية بإلزام منتجي أجهزة التبريد باحترام القانون المنظم لهذا النشاط، أو على الأقل تطبيق نفس الإجراءات التي يتعاملون وفقها في الدول الأخرى، وذلك من خلال رفع الاحتكار عن عمليات التركيب والتصليح والصيانة، وتحرير السوق الوطنية لتمكين الحرفيين والمهنيين من مزاولة نشاطهم دون أي قيود. وماذا عن خدمات ما بعد البيع؟ لا يمكن أبدا الحديث عن الضمان أو خدمات ما بعد البيع، لأن معظم المكيّفات الموجودة في السوق مستوردة، كما تم تسجيل اكتساح كبير لمكيّفات مصنوعة من قبل شركات غير معروفة السوق الوطنية بأسعار منخفضة ومغرية، لكنها في الحقيقة منتجات مقلدة وغير أصلية ولا تستجيب لأي معيار أمن وسلامة.
بورتريه التقني ميهوبي محمد وخبرة 18 سنة في تركيب المكيّفات ''عملي يمتد إلى معالجة الخلل في التصنيع دون اعتراف من المنتج'' يعمل محمد ميهوبي في مجال تركيب وتصليح مكيّفات الهواء منذ أكثر من 18 سنة، ويدير محلا صغيرا بالقصبة في قلب العاصمة. ويؤكد بأن مزاولة المهنة لا يحتمل أي تهاون أو تقصير، لأن الخطأ غير مسموح، ويعرّض أشخاصا للهلاك. تحصل محمد ميهوبي على شهادة تقني صناعي في الإلكتروميكانيك، وكان له الحظ، حسبما صرّح به ل''الخبر''، بإجراء تكوين في الشركة الوطنية ''إينيام'' بولاية تيزي وزو، وسمح له ذلك بالتعمق في المهنة واكتساب مؤهلات مكّنته بعد ذلك من دخول هذا المجال من بابه الواسع. ويقول محدثنا بأنه ورث الحرفة عن أبيه الذي اختص هو أيضا في تركيب وتصليح مختلف الأجهزة الكهربائية، وبمرور الوقت، تمكن من فتح محل صغير في القصبة، يقوم فيه بتصليح هذه الأجهزة ومختلف أنواع مكيّفات الهواء. وأشار ميهوبي إلى الفوضى الكبيرة التي أصبحت تميز سوق تركيب وتصليح أجهزة التبريد، مادام البناء والبطال، على حد سواء، حسبه، تخصصا في هذه الحرفة، وأصبحا ''يتفنّنان'' في تركيب مكيّفات الهواء، دون احترام أي معايير أو شروط. وحمل ذات المتحدث السلطات المختصة مسؤولية هذه الفوضى، لأنها لم تتولّ مهمة ضبط السوق وفرض تنظيم صارم يسيّر العملية ويقنّنها، مشيرا في ذات الوقت إلى ''تجاوزات ومخالفات'' يقوم بها منتجو المكيّفات الكهربائية، حيث يحتكرون سوق التركيب والتصليح، كما أن انتشار ''المركبين'' العشوائيين وتهافت الزبائن عليهم ،بالنظر للمقابل المادي القليل الذي يطلبونه، فضح في الحقيقة ''ضعف'' هؤلاء وعدم امتلاكهم لأي مؤهلات علمية أو تكوينية، بدليل الأخطاء الخطيرة التي يتم تسجيلها عقب عمليات التركيب. وحسب ميهوبي، فإنه وقف شخصيا على هذه الأخطاء، لكن الأخطر من ذلك تسجيل أخطاء في التصنيع، تظهر بمجرد تشغيل المكيّف، وهي أخطاء من المفروض أن تتحمّل مسؤوليتها الشركة المنتجة. وهنا يكمن دور عون التركيب المحترف، حيث يقوم إلى جانب التركيب، بمعالجة الخلل في عين المكان، دون حاجة إلى تحمّل عبء نقل الجهاز إلى مصدر اقتنائه.