فضل بعض نواب المجلس الشعبي برمجة مراجعة الدستور قبل برمجة مشروع القانون العضوي للانتخابات، مرجعين ذلك إلى تخوفهم من حدوث تناقضات بين هذا القانون والدستور عند تعديله. كما عبر بعضهم عن تخوفهم من أن برمجة هذا المشروع قبل صدور قانون الأحزاب الذي قد يؤدي تأخر صدوره إلى فوات موعد الاستحقاقات التشريعية والمحلية. وإن ثمن أغلبية نواب الغرفة السفلى للبرلمان مشروع القانون العضوي للانتخابات واعتبروه تكريسا للإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية وللشفافية والديمقراطية، فإن فئة أخرى من النواب ترى أن هذه التعديلات غير كافية وغلبت عليها المصلحة الحزبية ولم تتفاعل مع الإصلاحات. وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية أشار إلى أن مشروع القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات سيحل محل النصوص السابقة التي تبين أن تطبيقها كان معقدا لعدم دقتها والتضارب الذي كان يشوبها. حيث أوضح الوزير خلال حضوره أمس جلسة مناقشة مشروع هذا القانون بالمجلس الشعبي الوطني أن المشروع يكرس الرؤية الواضحة والموضوعية للانتخابات من خلال إزالة بعض المسائل التي كانت غامضة، ويقضي على حالات الانسداد في البلديات. وتوقف المسؤول عند الأحكام الجديدة المقترحة في هذا المشروع المتضمن 238 مادة تشمل كافة جوانب النظام الانتخابي خاصة حقوق وواجبات الأحزاب، المترشحين، وممارسة الطعن لضمان حقوق المترشحين وكذا الإشراف والمراقبة. من جهة أخرى أضاف المتحدث أن الاقتراح الذي أوردته اللجنة القانونية والحريات العامة بالمجلس الشعبي الوطني على المادة 83 تنقصه الدقة ويستحيل تطبيقه كما جاء في التعديل. علما أن هذه المادة المعدلة تنص على أنه ''في غضون 15 يوما الموالية للإعلان عن نتائج الانتخابات ينتخب المجلس الشعبي البلدي رئيسا له من القائمة التي تحصلت على الأغلبية. وفي حال تساوي الأصوات المحصل عليها يعلن فائزا المترشح الأصغر سنا''. موضحا أنه يبقى من غير الواضح إن كان الأمر يتعلق هنا بأغلبية المقاعد أو أغلبية الأصوات. وفيما يخص محتوى المشروع أكد نواب حركة مجتمع السلم في تدخلاتهم خلال جلسة المجلس الشعبي الوطني المخصصة لمناقشة مشروع القانون العضوي للانتخابات أن هذا القانون جاء سابقا لأوانه إذ كان من المفروض البدء بمراجعة الدستور الحالي وتحينه بما يتماشى مع الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية باعتبار أن كل القوانين السياسية تستمد شرعيتها من الدستور. واعتبر نواب حمس أن صياغة دستور جديد سيتناقض لا محالة مع نصوص ومواد بعض القوانين، لذا كان من المفروض الشروع في مراجعته قبل سن أي قوانين جديدة. وهو السياق الذي علل من خلاله هؤلاء النواب قولهم بتعارض هذه القوانين مع الدستور الجديد مما يحتم إعادة إصدار قوانين أخرى لتجنب الفراغات القانونية، وإلا فمن غير المنطقي تغيير الدستور في ظل الإبقاء على قوانين تتعارض معه. أما النواب المنشقين عن حركة مجتمع السلم فانتقدوا بدورهم تأجيل سن القانون الخاص بالأحزاب إلى ما بعد قانون الانتخابات، موضحين أن الوقت ليس لصالح الأحزاب التي لا تفصلها مدة زمنية بعيدة عن موعد الانتخابات المحلية والتشريعية لسنة .2012 وعبرت فئة أخرى من النواب عن تخوفها من حدوث أي تزوير في الانتخابات بسبب عدم وجود قانون صارم يخص الأحزاب ويقطع الطريق أمام كل محاولات التزوير ويضع حدا لسيطرة الإدارة على العمليات الانتخابية، كما يشجع المواطنين على الانتخاب ويجدد ثقتهم بعد تسجيل عزوفهم عن ذلك. وفي هذا الصدد انتقد هؤلاء مشروع القانون الذي قالوا انه ''لن يقضي عن التزوير نهائيا''، مطالبين بتشديد الرقابة واتخاذ إجراءات ردعية تصل إلى عقوبة السجن ضد كل من يتسبب في تزوير الانتخابات والتلاعب بأصوات الناخبين. وان اختلفت آراء النواب حول بعض النقاط غير أن مجملها اتفقت على أهمية المشروع فيما يتعلق بوضع الصناديق الشفافة، والبصم أثناء التصويت واستعمال الحبر الذي لا يزول وتعيين قضاة للإشراف على العملية الانتخابية حيث طالب النواب بتوسيع هذه العملية لتمس البلديات أيضا من خلال تعين قاض للإشراف على الانتخابات على مستوى البلديات أيضا وليس في اللجنة الوطنية فقط. وتبقى النقطة التي تضاربت آراء النواب حولها هي المادة القانونية التي تضمنها نص المشروع عند صياغته والمتعلقة بشروط الترشح، والتي تجبر الوزراء الراغبين في الترشح للانتخابات التشريعية على الاستقالة من وزاراتهم قبل ثلاثة أشهر على الأقل من موعد الانتخابات. حيث عبر حزب جبهة التحرير الوطني الذي يملك عدة حقائب وزارية عن رفضه لهذه المادة وطالب بالإبقاء على المادة الموجودة في القانون حاليا والمتمثلة في منح عطلة للوزير المترشح للتفرغ لحملته الانتخابية. حيث يتخوف حزب الأغلبية من أن يخسر هذه الحقائب عند استقالة أصحابها وعدم استدعائهم من جديد في الحكومة الجديدة التي تتشكل بعد التشريعيات خاصة إذا لم يفز بالأغلبية في التشريعيات. غير أن بعض النواب الآخرين من حمس ومن بعض أحزاب المعارضة ثمنوا الاقتراح الذي جاءت به الحكومة وطالبوا بالإبقاء على هذه المادة في شكلها الأصلي لإعطاء الفرصة للجميع في الترشح وليس للوزراء فقط الذين يتصدرون القوائم الانتخابية، كما اعتبروا أن استقالة هؤلاء الوزراء قبل انطلاق الحملة الانتخابية يكرس مبدأ المساواة بين كل المترشحين ويمنع من استغلال إمكانيات الدولة في الحملات الانتخابية. وتركزت جل تدخلات النواب خلال مناقشة مشروع القانون حول المواضيع التي من شأنها تكريس مبدأ الديمقراطية في الممارسة السياسية ومحاربة التزوير وكذا تحقيق الاستقرار في البلديات باعتماد نمط انتخابي لا يتسبب في حدوث النزاع والانسداد بين المنتخبين. بالإضافة إلى منع ما أسموه بالتجوال السياسي المتمثل في تنقل المنتخبين من حزب إلى آخر، ورفع شرط الجنسية المكتسبة للترشح للانتخابات إلى أكثر من عشر سنوات بدل خمس سنوات. ويواصل نواب المجلس الشعبي الوطني اليوم في جلسة علنية أشغال مناقشة مشروع القانون.