قدرات القاعدة ستتعزز عسكريا بعد الاستيلاء على مخزن للسلاح في غاو عزّز تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي قدراته العسكرية، بفضل قطع السلاح التي استولى عليها من مخزن حربي تابع للجيش المالي النظامي في شمال البلاد. ويظهر التنظيم أكثر قوة من أي وقت مضى، بعد أن اندمجت جماعة أنصار الدين الموالية له مع حركة تحرير أزواد، وأنشأ التنظيمان دولة إسلامية على الحدود الجنوبية للجزائر. عمليا ما عجزت القاعدة عن تحقيقه من مكاسب عسكرية وسياسية في الجزائر تحقق لها عند حدودها الجنوبية، وفي أحد مجالاتها الأمنية الأكثر حيوية بالمنطقة. فعلى الصعيد العسكري، سيطر التنظيم الذي يقوده عبد المالك دروكدال منذ 2005 على مخزن هام للسلاح والذخيرة في منطقة غاو، أهم مدن شمال مالي التي تخضع لسيطرة حركة أنصار الدين بزعامة إياد آغ غالي، منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس أمادو توماني توري في 21 فيفري الماضي. ووضع عناصر القاعدة أيديهم على ''الكنز الثمين'' خلال الأسبوع الجاري، لكن لا يعرف من دلهم عليه، ولا مكان السلاح أو حجمه الذي يوجد بين أيديهم حاليا. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ''مصدر أمني مالي'' أن المخزن أقامه الجيش المالي تحسبا لحرب طويلة وصعبة. واستغربت مصادر مهتمة بالشأن الأمني بالساحل الإفريقي كيف تمكّن التنظيم المسلح من اكتشاف المخزن وتوقعت تعزيز إمكانياته العسكرية، وفي المقابل توقعت صعوبات كبيرة ستواجهها الحكومات بالمنطقة في مسعى تطويق نشاط التنظيم. ومن الواضح، أن المتغيّر الغائب عن هذه التطورات هو التنسيق الاستخباراتي والعسكري الجاري منذ سنتين، بين ما يعرف ب''دول الميدان''. وأمام هذا الوضع، وقياسا إلى نشاط الفدية الذي أخذ أبعادا خطيرة في السنوات الماضية، توفر للقاعدة المغاربية شريانان أساسيان ستتغذى منهما لسنوات أخرى. الأول يتمثل في عشرات الملايين من العملة الصعبة قبضها قادة التنظيم مقابل الإفراج عن رهائن غربيين، ما يسمح لهم بشراء أسلحة وذمم المسؤولين في حكومات الساحل، خاصة في الجيوش النظامية. والشريان الثاني هو السلاح الليبي الذي وصل إليهم في عز الحرب الليبية العام الماضي، زيادة على المخزن الذي استولوا عليه في غاو منذ أيام. وهذه الظروف مجتمعة تجعل التنظيم المسلح في حالة نشوة غير مسبوقة. أما على الصعيد السياسي، فالنظام الإسلامي الذي حاربت الجماعة الإسلامية المسلحة، وبعدها الجماعة السلفية للدعوة والقتال، لإقامته في الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي، هي الآن بصدد إنجازه على الأرض في حدودها الجنوبية. فمدن شمال مالي وهي غاو وتومبوكتو وكيدال، تعتبر عمق الجزائر أمنيا، وهي محاور صحراوية تشهد منذ زمن طويل تواصلا بين توارف مالي وتوارف الجزائر على الصعيدين الإنساني والتجاري، وفيها أعلنت جماعة أنصار الدين بالتحالف مع حركة تحرير أزواد إنشاء دولة إسلامية. ولم يكن خافيا على الأجهزة الأمنية بالمنطقة، وعلى رأسها الجزائرية، الصلة العضوية بين تنظيم أنصار الدين وتنظيم القاعدة، بل إن الأول ينشط تحت مظلة الثاني. وبالمحصلة، فالنظام الإسلامي المعوّل إقامته في مدن الشمال هو قرار اتخذ بالوكالة عن تنظيم القاعدة. وتذكر مصادر مهتمة بالقضية ل''الخبر'' أن مؤشرات كثيرة توفرت لدى مصالح الأمن الجزائرية تفيد بأن مشروع أنصار الدين ومشروع القاعدة واحد. لكن الحلقة التي غابت عنها هي انخراط حركة تحرير أزواد مع تنظيم موال للقاعدة في مسعى إقامة نظام ديني، عكس التطمينات التي بعثها قادة أزواد إلى السلطات الجزائرية، ومفادها أنهم سيتصدون لمحاولات السلفيين المسلحين السيطرة على الشمال، والحيلولة دون إحكام قبضتهم على مناحي الحياة فيها. وجاءت التطمينات بعد إعلان إقامة دولة أزواد، أي بعد الانقلاب العسكري في باماكو، وحينها لم تكن حركة أزواد تتصوَر أنها ستفقد السيطرة على الشمال، وفي ظرف قصير، لمصلحة أنصار الدين، وهم سلفيون توارف، جمعتهم لقاءات كثيرة في الأسابيع الماضية مع أبرز قائدين في القاعدة، هما عبد الحميد أبو زيد ومختار بلمختار. وتمت هذه اللقاءات أمام أنوف قيادات أزواد، وفيها تم التحضير ل''الوحدة المقدّسة''، التي تمت في الواقع للتسويق الإعلامي، لأن متتبعي الوضع الأمني في غاو يعلمون أن إياد غالي وأبو زيد يمثلان توجها واحدا.