اعتبر الخبير الاقتصادي مولود هدير، العضو المفاوض السابق مع المنظمة العالمية للتجارة وعضو منتدى رؤساء المؤسسات، أن استمرار تراجع أسعار النفط سيدفع السلطات العمومية إلى إحداث اقتطاعات في ميزانية التجهيز، لصعوبة تقليص ميزانية التسيير. وأوضح هدير ل''الخبر''، أن النفقات العمومية ومشاريع التجهيز العمومي هي التي ستعرف تقليصا وتراجعا في حال استمرار تراجع الأسعار في الأسواق الدولية، مضيفا بأن الجزائر تواجه حاليا مشكل تسيير للميزانية وصعوبة في تحقيق التوازن المأمول، دون الاستعانة بإيرادات المحروقات. ولاحظ هدير أن تحقيق توازن وفائض في الميزان يقتضي معدل سعر النفط في حدود 130 دولار للبرميل، بالنظر للزيادة المعتبرة للأعباء والنفقات العمومية وقيمة التحويلات وميزانية التسيير. وعليه، فإن الاقتصاد الجزائري يظل هشا ومعرّضا لعدة هزات. في نفس السياق، أكد هدير الذي كان ضمن الوفد الجزائري المفاوض في أول أطول المفاوضات الرامية إلى الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، أن الجولة القادمة لن تكون حاسمة، وأن هناك غيابا لمقاربة دقيقة في المفاوضات. لذلك، ستطول المفاوضات، ولن يكون الحسم هذه السنة. وأكد هدير: ''لا أعتقد أن الجولة الجديدة من المفاوضات ستأتي بالكثير ولن تكون حاسمة، لأن الاعتبارات السياسية هي التي تطغى على الوفد المفاوض أكثر من المسائل التقنية والاقتصادية. كما لم نلمس إرادة فعلية للمضي قدما لحسم الملف وتسوية المشاكل المطروحة، أو الذهاب في عمق القضايا المطروحة''، مضيفا: ''هناك قواعد سارية تسير عكس المسار الطبيعي، وهي أحيانا غير معلنة أو غير واضحة المعالم''. وأكد هدير: ''هناك ضرورة لتنظيم الاقتصاد على قواعد سليمة وشفافة. مثلا، لا يمكن للجزائر أن تلجأ إلى إقرار قوانين غير متوقعة، أو الاعتماد دوما على قوانين المالية التكميلية وتغيير القواعد التي يسير وفقها الاقتصاد الجزائري''. واستطرد هدير، في نفس الصدد، أن ما هو مطلوب هو تسيير اقتصادي يضمن للمتعاملين الاقتصاديين رؤية واضحة واستقرار في القوانين والتشريعات المعتمدة، مضيفا أن الجزائر ليست عضوا في المنظمة العالمية للتجارة، ولكن مع ذلك تخضع لكافة القواعد، لكون كل الدول التي تتعامل معها عضوة في المنظمة، كما أننا نبقى تابعين تجاريا واقتصاديا أيضا، دون أن نكون أعضاء، فقد فاقت قيمة الواردات 60 مليار دولار من السلع والخدمات إلى حد الآن، وهذا العامل يشكل عبئا كبيرا على الاقتصاد الجزائري. ودعا عضو منتدى رؤساء المؤسسات، مولود هدير، إلى ضرورة تغيير الاستراتيجيات المنتهجة، وتأطير أو إدماج السوق الموازي لأنه حاليا غير منتج، مضيفا أن السوق الموازي ظاهرة عالمية، ولكنها في حدود معيّنة لا يمكن أن تتجاوز حجم الاقتصاد الفعلي.