أوصلت روسيا مشاريع محاصرة نظام بشار الأسد بهدف إسقاطه إلى نهايتها، وبالمقابل أوصلت المعارضة السورية التي ثبتت أقدام مسلحيها بالعديد من أحياء العاصمة دمشق درجة المواجهة إلى نقطة اللارجوع، والنتيجة من هذا التطور أن المعضلة السورية قد دخلت مرحلة جديدة لا يمكن أن تكون إلا خطيرة، لأن الحسم أصبح بداية من اليوم محصورا في القوة وحدها. لم تخف روسيا رفضها العلني للمشروع الغربي الذي سيعرض اليوم على مجلس الأمن الدولي، وهو ما يوحي بأنها ستستخدم حق النقض لإسقاطه، وبهذا المعنى قال السفير الروسي لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين ''إننا سنصوت ضد مشروع القرار هذا''، وينص محتوى المشروع على أن سوريا ستواجه عقوبات إذا لم تكف عن استخدام الأسلحة الثقيلة وتسحب قواتها من البلدات والمدن في غضون عشرة أيام من تبني القرار، ومعنى العقوبات هنا أن التعامل مع الملف السوري بعد التبني بطبيعة الحال سيكون تحت البند السابع وهو ما يعني في النهاية أن تنتظر سوريا كل شيء من الدول الكبرى، بما في ذلك اللجوء إلى استخدام القوة. مقابل هذا عرضت موسكو مشروع قرار يمدد مهمة بعثة المراقبين دون أن يترتب على التمديد أي عقوبة في حالة الفشل، وهذا على خلفية أن روسيا تساوي في نظرتها للمعضلة السورية بين نظام دمشق والمعارضين له، لكن سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة سوزان رايس، قالت بأن لا حظ لاعتماد المشروع الروسي. وعن أسباب رفض موسكو للمشروع المنتظر عرضه اليوم على المجلس والمتبنى من قبل كل من بريطانيا وفرنسا والولاياتالمتحدة وألمانيا والبرتغال، قال سفير بريطانيا لدى الأممالمتحدة مارك ليال جرانت إن ''روسيا والصين أبدتا اعتراضهما على الفصل السابع، ولكن عند مواجهتهما لم تستطيعا تقديم أي سبب مقنع لذلك''. دبلوماسيا التقى المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا كوفي عنان في موسكو أمس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبحث معه سبل تطبيق خطته لحل الأزمة في سوريا والهادفة إلى توفير الظروف المناسبة لانتقال سلمي للسلطة، والمعروف أن بوتين يرفض هذا الطرح، وبالتالي خطة عنان جملة وتفصيلا، ويؤمن بأن بشار الأسد باق في السلطة، ومن هذا الخلفية استبق وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، لقاء المبعوث الأممي العربي بالرئيس بوتين، وقال إن ''المطالبة بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد أمر غير واقعي، لأنه يحظى بدعم قطاع واسع من السوريين''، محذرا من أن يتسبب موقف الدول الغربية في اندلاع حرب أهلية بسوريا، لإصرار هذه الدول على إصدار مجلس الأمن عقوبات ضد النظام السوري، واعتبر أن التهديد بفرضها ينطوي على ''قدر من الابتزاز''. ميدانيا تواصلت يوم أمس المواجهات العنيفة داخل العاصمة دمشق بين قوات النظام السوري ومقاتلي الجيش السوري الحر ولليوم الثالث على التوالي، وهو ما يؤكد أن المعارضة قد ثبتت أقدام مقاتليها داخل العاصمة، خاصة وأن النظام استخدم يوم أمس وبشكل ملفت للانتباه الطائرات المروحية في حربه على المعارضة، وحسب مختلف الروايات والشهادات المنقولة من دمشق، فإن الدبابات قد انتشرت كذلك بشكل مكثف بمعظم أحياء دمشق التي وصلها مسلحو الجيش الحر، وأصبحت تعيش حالة حرب حقيقية رغم أن السلطة تتحدث عن مواجهة جيشها لعصابات مسلحة وإرهابيين. وبموازاة هذا تواصلت الحركات الاحتجاجية الشعب ضد النظام الحاكم، والمواجهات المسلحة بين طرفي المعضلة الجيش السوري الحر والقوات النظامية بمعظم المحافظات المضطربة، وبمستوى يوحي بأن الأمور تجاوزت كل إمكانيات العودة إلى الوراء، ولعل أهم حدث سجل يوم أمس هو تمكن مقاتلي المعارضة من إسقاط طائرة هيلكوبتر في سماء حي القابون بدمشق.