أقحم وزير الداخلية الفرنسي، مانويل فالس، نفسه في دور وساطة لتقريب وجهات النظر بين مجلس الديانة الإسلامية، ومؤسسة مسجد باريس المقربة من الجزائر. وتعتبر خطوة فالس إشارة مبدئية لمسجد باريس بأن السلطات الفرنسية مستعدة للتعاطي مع مطالبه، ولو أنه حافظ على نفس المسافة بين الوزارة ومجلس الديانة الإسلامية المقرب من الأجهزة المغربية. قام وزير الداخلية الفرنسي، مانويل فالس، مساء السبت، بزيارة إلى المسجد الكبير بباريس، حيث شارك المسلمين تناول إفطار رمضان بالمسجد، وحرص فالس على أن يكون كل من رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، محمد الموسوي، من مستقبليه، إلى جانب عميد مسجد باريس، دليل أبو بكر، رغم علمه بوجود خلافات كبيرة بين المؤسستين. وقاطع مسجد باريس المشاركة في مجلس الديانة الإسلامية، الأسبوع الماضي، بدعوى أن الأخير ''يحتقر الجزائريين''. ونقل عن الوزير مانويل فالس أنه شجع كلا من الجزائري دليل أبو بكر والمغربي محمد الموسوي على ''إيجاد اتفاق صادق ودائم في مصلحة الإسلام في فرنسا''، وتحتمل دعوة الوزير فالس استجابة مبدئية لشروط مسجد باريس، من أجل العودة للمشاركة في هياكل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. لكن فالس حرص، فيما يبدو، على مساواة السلطات الفرنسية في المسافة التي تفصلها عن المؤسستين. وخلال زيارة مانويل فالس للجزائر، في الأيام المقبلة، ستفتح الجزائر وباريس ملف الشعائر الدينية، حيث يكون ملف مسجد باريس حاضرا في النقاش، وكذلك مسجد مرسيليا وتمثيل الجالية المسلمة الجزائرية في المجالس الفرنسية العليا للديانة الإسلامية، وأيضا تنظيم بعثات الأئمة من الجزائر إلى فرنسا. وتعتقد الجزائر أن الرئاسة الفرنسية مطالبة بإحداث تغييرات شاملة في معايير المشاركة في المجالس المخصصة للمسلمين، بحكم عدم مراعاتها لمنطق الغالبية والأقلية واحتكام السلطات الفرنسية، في وقت سابق، لمنطق المجاملة بما يراعي العلاقات السياسية، في محاباة أصول من غيرها. وأفيد من مصادر أن الجزائر قد تسعى، مع حكومة أيرولت في فرنسا، لتجاوز الخلاف حول طريقة تعيين المندوبين في الجمعية العامة لانتخابات مجلس الديانة الإسلامية، والتي تستند إلى مساحة أماكن العبادة محسوبة بالأمتار المربعة. ويحتج مسجد باريس الكبير على شكل الاقتراع، ''الذي لا يمثل إطلاقا مجموع مسلمي فرنسا ولا المساجد، طالما بقيت المعايير غير العادلة للنظام الانتخابي، وأعمال الهيمنة الصادرة عن بعض الفيدراليات''. وتعتبر السلطات الجزائرية مسجد باريس قلب النشاط الإسلامي في أوروبا قاطبة، وتنظر إليه على أنه رمز من رموز نفوذها في فرنسا، إضافة إلى أنه أحد القلاع التي ساهمت في احتفاظ أفراد الجالية الجزائرية بأوروبا عموما بهويتهم العربية والإسلامية. ويعد الإسلام الديانة الثانية في فرنسا بعد المسيحية الكاثوليكية، حيث يقدر عدد المسلمين في فرنسا، وفقا لمعهد القياس ''إيفوب''، ما يقرب من 3,5 مليون شخص. ووفقا للتقديرات، فإن حوالي 71 في المائة من المسلمين في فرنسا يحرصون على صيام الشهر الكريم مقابل 60 في المائة عام ,1989 حسب دراسة نشرت العام الماضي.