تحوّل المسجد العتيق بأعالي مدينة بواسماعيل في تيبازة إلى قبلة لمئات المصلّين، الّذين يفضّلون أداء صلاتي المغرب والعشاء وصلاة التراويح خلف الإمام ''محمد نمير'' الّذي ذاع صيته خلال الخمس سنوات الماضية، وأطلق عليه اسم الشيخ السديس، حيث يجزم جميع مَن يُصلّي خلف الإمام محمد أنّ حباله الصوتية نسخة أصلية من حبال الشيخ السديس إمام الحرم المكي. ويتنافس المصلّون ''التيبازيون'' على تبوء الصفوف الأمامية بالمسجد العتيق عند آخر ليلة من شهر شعبان، وذلك للاستماع إلى تلاوة الشيخ محمد المدعو السديس. وتسود المدينة حالة من السكينة بمجرد تشغيل جهاز التّكبير الصوتي الخارجي، لتنطلق حنجرة الشيخ بآيات بيّنات تضفي على المنطقة أجواء روحانية وإيمانية، تجعل المسجد وباحته والأزقة المحيطة به مكتظة بالمصلّين الّذين يجدون أنفسهم يصطفون وراءه جماعات وفرادى، حيث يبدع الشيخ في التّرتيل برواية حفص عن عاصم وبروايتي ورش وقالون عن نافع. يقول الشيخ محمد نمير إنّ الله عزّ وجلّ منّ عليه بحفظ القرآن كاملاً في سن 18 سنة، حيث كان يوفّق بين مساره الدراسي بالثانوية وبين التعليم القرآني، فكان يسترق الوقت ليقضي أوقاته بالزاوية الحدبية بقصر الشلالة في ولاية تيارت، فختم القرآن حفظًا وترتيلاً على يد الشيخين حدبي الحاج جلول والشيخ القريشي رحمهما الله، وذلك سنة .1991 وبعدها، اشتغل كمعلّم قرآن بقصر الشلالة إلى غاية ,2003 حيث التحق بمعهد تكوين الأئمة والإطارات الدينية بغليزان. ولأنّ الشيخ قد وهب صوتًا جهوريًا، فضل الالتحاق بمعهد القراءات بالجزائر، فتخرّج سنة 2006 برتبة إمام قراءات، متخصّص في روايات ورش وقالون عن نافع وحفص عن عاصم، وكتب له أن يتولّى إمامة المسجد العتيق ببواسماعيل إلى يومنا هذا. وعن سبب إتقانه للحفظ والترتيل، أجاب الشيخ أنّه كان يحفظ ثُمُنًا من القرآن في اليوم، بعد كتابته على اللوح الخشبي وفقًا للطرق التقليدية المتوارثة، ثمّ يعرض حفظه على شيخيه. وعن تفضيله تقليد الشيخ محمد السديس، قال إن نبراته الصوتية تلاءمت تمامًا مع نبرات إمام الحرم المكي، إذ يجد سهولة في تلاوة القرآن دون عناء أو تكلّف على طريق الشيخ السديس، حيث تعلّق الشيخ محمد بصوت السديس منذ أيّامه الأولى بالمدرسة القرآنية. ويقول الكثير من المصلّين، خاصة الّذين أدّوا مناسك الحجّ والعمرة، إنّهم يفضّلون المسجد العتيق للاستماع لتلاوة الشيخ السديس الجزائري، فقط لتذكّر أجواء صلاتي التّراويح والتّهجد بالمسجد الحرام.