من وجب عليه صوم أيّام من رمضان لمرض أو سفر، ففرَّط فيها حتّى دخل عليه رمضان آخر وهو قادر على صيامها، فإنّه إذا أفطر من رمضان صام تلك الأيّام وأطعم مع ذلك كلّ يوم مُدًّا لكلّ مسكين، بمُدّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. ولو مات قبل أن يقضي تلك الأيّام، أطعم عنه ورثتُه إذا أوصاهم بذلك وليس بواجب عليهم، بل يجب عليه أن يوصي بذلك إن ظنّ الهلاك. وإن كان معذورًا لمرض أو سفر ولم يقض ما فاته حتّى دخل عليه رمضان آخر، فلا شيء عليه. وهذه الفدية تكفّر له تهاونه طيلة عام كامل في قضاء ما أفطر من رمضان حتّى دخل عليه آخر. وقضاء رمضان متتابعًا أفضل، وإن فرّقه أجزأه. والاحتلام لا يفسد الصّوم والحيض يفسده، وإن حاضت المرأة في بعض النّهار، بطل صومُها ولزمها قضاء يومها دون الصّلاة. روى البخاري ومسلم عن السيدة عائشة، رضي الله عنها، قالت: ''كنّا نحيض على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنؤمر بقضاء الصّوم ولا نؤمر بقضاء الصّلاة''. وكذلك الحال في النفساء. ومن أصبح جُنُبًا في رمضان أو أصبحت وقد طهرت من اللّيل من حيضتها، فنوى كلّ واحد منهما الصّوم قبل أن يغتسل، لم يضر ذلك صومهما على الصّحيح. قال مالك: ''إذا طهرت امرأة ليلا في رمضان فلم تدر أكان ذلك قبل الفجر أو بعده، صامت وقضت ذلك اليوم''. ولا تترك المستحاضة (أي الّتي يتمادى عليها الحيض ولا ينقطع لعلة في بدنها) الصّوم إلاّ في أيّام حيضتها، ولا تترك الصّلاة، ويأتيها زوجها لأنّها كمَن اغتسلت من الحيض، فهي طاهرة على تلك الحال لولا الاستحاضة. وليس على المسافر المفطر في سفره إذا قدم بلده في بعض النّهار أن يكفّ عن الطعام، وكذلك الحائض تطهر في يوم رمضان بعد الفجر. ولو قدم مسافر في رمضان فوجد امرأته قد طهرت بعد الفجر يوم قدومه، كان له وطؤها إن شاء.