كثفت الولاياتالمتحدة من خلال أفريكوم ومصالح الاستخبارات المركزية، واستخبارات الدفاع من نشاطاتها لمراقبة الوضع في منطقة الساحل، حيث تبدي هذه المصالح قلقا من تنامي دور تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وإرسائه لشبكة تحالفات امتدت إلى عدة مناطق. تقوم واشنطن بتوظيف شبكة مراقبة معقدة ضمت إليها مؤخرا الطائرات من دون طيار ''انيات'' و''بريدادور'' المتمركزة في منطقة كلميم بالمناطق الجنوبية المغربية، لتجاوز الرفض الجزائري بمرور أي طائرة مراقبة عبر ترابها. وتقوم الطائرات من دون طيار التابعة للقوات الجوية الأمريكية، دوريا بعمليات مسح شاملة ومراقبة بواسطة طائرات ''براديتور اكس بي'' غير مسلحة من صنع جنرال أتوميك أيروسباس و''انيات'' انطلاقا من قاعدة كلميم التي تتمتع بموقع إستراتيجي، فهي قريبة من موريتانيا ومن المحيط الأطلسي، وبالإمكان توظيفها كبديل بعد الرفض الجزائري القاطع لمرور أو استخدام التراب الجزائري في أي مهمة مراقبة أو عمليات عسكرية، وتم الشروع في منتصف 2011 بتحديث القاعدة وتأهيلها. وكشفت نشرية الاستعلامات السرية الفرنسية، أن مصالح الاستعلامات الغربية وخاصة الفرنسية والأمريكية شعرت بالكثير من الانزعاج للمواقف والمقاربات الجزائرية بخصوص تسيير ملف شمال مالي، الرافض لأي تدخل خارجي أيا كان شكله، والتركيز على التنسيق الاستخباراتي والعسكري بين الدول المعنية في المنطقة، وهو موقف لم تستسغه قيادة ''أفريكوم'' بقيادة الجنرال كارتر هام، فيما اعتبرت المصالح الفرنسية أن الأمر يتعلق بمعضلة جد معقدة لأن جزءا من مفاتيح الحل يوجد في نظرها عبر البوابة الجزائرية. ولتجاوز التحفظ الجزائري، تسعى المصالح الغربية إلى إيجاد البدائل العملية من خلال نقاط ارتكاز محيطة أو متاخمة لمالي أو منطقة الساحل لضمان المراقبة وتجميع المعلومات الاستخباراتية الضرورية لتحضير خيارات عسكرية على المدى القصير والمتوسط، وهو الخيار الذي تتحفظ عليه الجزائر بالنظر إلى تداعياته الخطيرة على المنطقة، ولاسيما بعد انتشار مكثف للسلاح وصعوبة القيام بعمليات عسكرية تقليدية في منطقة جد حساسة وقابلة للانفجار والتفكك أكثر، حيث تبقى المنطقة تخضع لمنطق الحروب اللامتوازية وللنزاعات ذات النطاق المحدود، والتي تتطلب تسييرا مغايرا تفاديا لتحويل مالي إلى بؤرة توتر دائمة قابلة للانتشار إلى دول منها نيجر وموريتانيا بالخصوص.