مع بداية العد التنازلي لعيد الفطر، تشهد نشاطات محلات بيع الحلويات والتصوير والحلاقة انتعاشا قياسيا. ولا يتخوف هؤلاء وزبائنهم من كل شرائح المجتمع، أطفال ونساء ورجال، إلا من شيء واحد وهو استمرار انقطاع الماء والكهرباء، ما قد يحرمهم من إتمام فرحة الصوم وبهجة العيد. نغّص عليها فرحة و''فال'' العيد انقطاع الكهرباء والماء يجبر حواء على الرضى بحلويات جاهزة أكد أغلب من تحدثنا إليهم أن الإقبال هذه السنة فاق كل التوقعات، حيث بدأ حتى قبل العشر الأواخر، بسبب الحرارة المرتفعة التي ميزت الشهر الكريم، وهو ما دفع ببعض المحلات للتوقف عن استقبال الطلبات، وهو حال السيدة ليلى صاحبة محل لبيع الحلويات، ينشط منذ أكثر من 10 سنوات بالقبة. تقول محدثتنا: ''تلقيت عددا قياسيا من الطلبيات حتى قبل أن ينتصف شهر رمضان، غير أنني قررت هذه السنة الاكتفاء بتحضير أنواع الحلويات التي أعرف بحكم التجربة أنها ستلقى إقبالا لأعرضها في المحل، فالسنة الماضية عشنا ضغطا رهيبا بسبب الفوضى وتدافع الزبائن لأخذ طلبياتهم ليلة العيد، وتطور الأمر إلى اشتباكات بينهم داخل المحل''. وتضيف ليلى: ''زبائني في العادة معدودين، ومن الموظفات أو إطارات يفضلون إراحة زوجاتهم من عناء تحضير الحلويات، لكن ما وقفت عليه هذه السنة أن الماكثات بالبيوت أيضا فضلن اقتناء الحلويات جاهزة''. ونحن نتحدث إليها، دخلت المحل سيدة تبدو في عقدها الرابع كانت تجر قدميها جرا، وهي محملة بمشتريات المائدة الرمضانية، قبل أن تبادر صاحبة المحل متذمرة: ''لا ماء ولا كهرباء.. سيدي مليح زيدلو لهوا والريح، مستحيل أن أحضر حلوى العيد في هذه الظروف''. وراحت السيدة تسأل عن ثمن الحلويات المعروضة، مؤكدة أنها اعتادت تحضيرها في بيتها، لكن الحر والانقطاع المتكرر للكهرباء والماء منعاها من ذلك. أما في حي باش جراح الشعبي، فلم يختلف الأمر كثيرا، إذ اصطفت سيدات ورجال في محل لبيع الحلويات قرب السوق الشعبي، ينتظرون حجز طلباتهم، والغريب أن أغلب الطلبات اقتصرت على حلويات سهلة التحضير، مثل ''الصابلي'' أو ''حلوى الطابع'' و''الغريبية''. وفي حي بلوزداد، وعند ''بن زينة'' تحديدا، شرع المحل في عرض حلوياته تحسبا للعيد، علما بأنه اعتاد أن تكثر الطلبات في آخر أربعة أيام رمضان، إلى جانب التكفل بطهي الحلويات التي تجهزها العائلات في البيت، يقول صاحب المحل ''لا تزال البلوزداديات يحافظن على عادة إرسال حلوياتهن لطهيها عند الخباز، وبالنظر إلى الحرارة التي تميز هذه الأيام، نتوقع أن يكون الإقبال كبيرا''. الجزائر: سلمى حراز
رغم طغيان ''النوميريك'' وآلات تصوير الهواتف النقالة صورة الاستوديو مازالت تصنع طقوس العيد تعتبر استوديوهات التصوير من بين المحلات التي تفتح أبوابها، خلال أيام العيد، لاستقبال زبائنها من الصغار والكبار. ويؤكد مصوّرون ل''الخبر'' أن أيام العيد هي ذروة نشاطهم بسبب استقبالهم لعشرات الأطفال الذين يقصدونهم لالتقاط صور تذكارية للعيد، خاصة أن الصور الفوتوغرافية بالاستوديو مازالت محتفظة بمكانتها رغم اقتحام ''النوميريك'' لعالم هذه المهنة. وجهتنا الأولى كانت شارع حسيبة بن بوعلي بالجزائر العاصمة، حيث قصدنا محلّين خاصّين بالتصوير، أكد لنا مسيراهما أنه في الوقت الذي يقل نشاطهما في أيام رمضان، يشهد يوما العيد وما بعدهما نشاطا مكثّفا. ويقول السيد حسان، مسير محل تصوير: ''نعمد إلى تسريح العاملين في عطلة طيلة رمضان، على أن يلتحقوا بالعمل عشية أول أيام العيد''. من جهته يقول السيد عبد الحميد، مصوّر بأقدم استوديو تصوير بحي بلكور الشعبي، إن أول وثاني أيام العيد سواء تعلق الأمر بعيد الفطر أو عيد الأضحى، يمثلان ذروة نشاط المحل، مضيفا أن تخوّفهم من تأثر المهنة من اقتحام آلات التصوير الرقمية ''نوميريك'' للسوق أو انتشار أجهزة الهاتف النقال المتطورة والمزودة بآلات تصوير، لم يعد له أي مبرر. ويرى بأن ''الجزائريين لم يتخلوا عن طقوس (تصويرة) الاستوديو في العيد، وهي عادة قديمة توارثتها العائلات ومازالت تحافظ عليها''، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي يعمد غيرهم لتبادل الزيارات أيام العيد ''نقصد نحن الاستوديو مباشرة بعد صلاة العيد لاستقبال مئات الأطفال الذين يتسابقون لأخذ صور تذكارية بمناسبة العيد، مفضلين أن يدفعوا ثمنها مما جنوه من مال في ذلك اليوم''. الجزائر: ص. بورويلة
طوابير إلى الثانية صباحا شبان يلهثون وراء ''الديفريساج'' و''الصبيغة'' يكثر في الفترة الحالية من شهر رمضان التوافد على محلات الحلاقة النسوية والرجالية، استعدادا لاستقبال عيد الفطر. ونظرا لكون أغلب الحلاقات والحلاقين يفضلون ممارسة نشاطاتهم ليلا لكثرة الطلب على خدماتهم في هذه الفترة، فإن محلاتهم تعرف اكتظاظا كبيرا بعد الإفطار، ما أجبر المحلات على استضافة عدد محدد من الزبائن الدائمين فقط، في حين ذهبت محلات أخرى إلى أبعد من ذلك وعمدت إلى تحديد مواعيد للزبون منذ الأيام الأولى من الشهر. سباق نسائي وتتسابق النسوة على وجه الخصوص لتحضير أنفسهن لاستقبال عيد الفطر، حيث تخططن لتغيير لون شعرهن أو قص تسريحات معينة. وباعتبار الفترة المقبلة من الفترات التي تتميز بكثرة الإقبال على الخطبة من طرف الشبان وكذا الزيارات لأهل العروس لتقديم ما يعرف شعبيا ب''المهيبة''، فإن الطلب على خدمة الحلاقات يتضاعف، وتهتم الزبونات باختيار المحلات التي تتردد عليها بدقة تامة وفقا لخبرة بعض أفراد العائلة والأقارب، وما توصي به النساء المتزوجات خصوصا اللواتي يملكن خبرة لا يستهان بها في المجال. وتتراوح أسعار التسريحات التي تقوم بها النسوة بين ألف و5000 دينار، حسب النوعية ومستوى الخدمة، والتي يتم تجديدها، حسب رغبة النسوة. إلا أن الحلاقة ليلى بضواحي الحراش، أكدت في حديثها لنا أن السيدات يجددن صبغة شعرهن وتسريحتهن كل شهر أو شهرين، وهو ما يؤكد أن حجم نفقات النساء على الحلاقات يصل 5 ملايين سنتيم سنويا، وهو ما يعتبره بعض الأزواج ميزانية ثقيلة على كاهلهم خاصة البعض ممن يفضلن زوجتهن على طبيعتهن ولا يرحبن بتسريحات الموضة التي تشكل مجالا هاما للمنافسة والتباهي بين النسوة اللواتي يزيد إصرارهن على صبغ شعرهن عند ''يونفا'' أو قص الشعر على طريقة نجوى كرم عند ''خوجة'' أو تسريحة كارول سماحة عند ''زوينة''. وتحظى الزبونات الدائمات بالأولوية لأنهن يدفعن اشتراكا شهريا يصل سعره إلى 8000 دينار، وهو ما يضع الأخريات في ورطة جراء اضطرارهن للانتظار لساعات طويلة أو رفض تقديم الخدمة لهن من طرف الحلاقات، وهو ما يدخلهن أحيانا في مناوشات مع صاحبات المحل، تنتهي غالبا بالطرد أو أخذ مواعيد جديدة. طوابير مملة وتستمر طوابير الزبائن إلى ساعة متأخرة من الليل، لدى الحلاقات والحلاقين على حد سواء، وحسب ما أكده الحلاق فريد الذي يضطر لارتشاف صحن الحساء وفي عجالة لإعادة فتح المحل، فإنه يستقبل في الليلة الواحدة ما يزيد على 50 زبونا يهتم ومساعدوه بتعديل تسريحاتهم وحلاقة أذقانهم. وأضاف أن ما يميز الزبائن خلال هذه الفترة، حرصهم على جمالية المظهر، فيما يميل الشباب، حسبه، إلى أحدث صيحات تصفيف الشعر ويبحثون عن تسريحات مميزة. والجديد في الموضوع، يقول فريد، أن بعض الشباب ممن يكون شعرهم مجعدا يطلبون تقويمه بمليّن الشعر أو ما يطلق عليه لدى العامة ''ديفريساج''، وأكد أن الطلب تضاعف على هذه المادة، ما بات يشكل عامل ربح إضافي يساهم في زيادة نسبة المداخيل، إذ لا يقل ثمنه عن 1500 دينار. الجزائر: مريم شرايطية