يمثل شهر رمضان بالنسبة للكثير من التجار فرصة لتغيير نشاطهم التجاري رغبة منهم في الربح السريع وتعويض البطالة التي يمكن أن تلحق بهم، ولذلك قام العديد من أصحاب المحلات وبمجرد اقتراب شهر رمضان بتحويل طبيعة نشاطهم من بيع الملابس ومطاعم إلى محلات لبيع الحلويات التقليدية، كالزلابية والقلب اللوز اللتين تعدان من أكثر الحلويات استهلاكا لدى عموم المواطنين. في جولة استطلاعية قادت “السلام” إلى بعض شوارع العاصمة وقفنا عند حقيقة مفادها أن العديد من المحلات قامت بتغيير نشاطها التجاري استعدادا لاستقبال الشهر الفضيل، فبعض المطاعم ومحلات بيع الأكل الخفيف أو ما يعرف ب(البتزيريات) تحولت بين عشية وضحاها إلى محلات لبيع الزلابية وقلب اللوز وأنواع أخرى من الحلويات التقليدية التي تلقى استهلاكا كبيرا وسط المواطنين. وفي حديث لنا مع حكيم وهو صاحب مطعم بشارع حسيبة بن بوعلي بالعاصمة، والذي أكد لنا أنه غيّر نشاطه وذلك تزامنا مع اقتراب الشهر الفضيل حيث يقول “محلنا في الأصل مطعم، لكن خلال شهر رمضان ونظرا للرواج الكبير الذي تعرفه تجارة الحلويات التقليدية خاصة الزلابية وقلب اللوز قررنا تغيير نشاطنا التجاري مواكبة لمتطلبات هذا الشهر”. ونفس الشيئ ذهب إليه محمد الذي يملك محلا لبيع الأكل الخفيف بحي باب الواد الذي قال لنا إنه بصدد تغيير نشاطه خلال رمضان: “نحن الآن نجهز المحل لنبيع الحلويات التقليدية خاصة الزلابية، فهي حرفة ورثناها عن آبائنا، ونحترفها منذ أكثر من عشر سنوات”. وأضاف رشيد وهو صاحب بيتزيريا ببلدية بلوزداد: “من غير المعقول أن أتوقف عن العمل في شهر رمضان، فأنا أحاول أن أتاجر في أمور أخرى كجلب الزلابية والشاربات من مدينة بوفاريك لأبيعها خلال هذه الفترة”. من جهة أخرى أكد لنا سمير أحد الشباب الذين تحدثنا إليهم في شارع العربي بن مهيدي، أن صديقه صاحب محل بيع ملابس رجالية أوقف نشاطه منذ أكثر من عشر أيام، قصد تغيير طبيعة تجارته واستعدادا لاستقبال رمضان في حلة جديدة. وبنفس الشارع لمحنا محلا به أشغال ترميم جارية، وخلال حديثنا مع صاحب المحل أكد لنا أنه بصدد إعادة ترميم محله عند حلول شهر رمضان لأن النشاط يكثر خلاله، خاصة وأنه كان يشتغل في “فاست فود”، حيث قال لنا: “بما أن الأكل الخفيف يتوقف خلال شهر رمضان، فإننا نسعى لإيجاد البديل، خاصة وأن الحي الذي نتواجد به لا يوجد به باعة الزلابية والحلويات التقليدية الخاصة بشهر رمضان وهو ما يجعلنا نستغل هذه الفرصة”. وحسب العديد من المواطنين الذين التقينا بهم أكدوا لنا أن الكثير من التجار يستغلون شهر رمضان لربح المزيد من المال وتعويض بطالتهم، خاصة وأن الحلويات التقليدية والرمضانية تعرف إقبالا كبيرا خلال الشهر الفضيل، وبذلك يعلق الكثير من أصحاب المحلات آمالهم على هذا الشهر لملء خزينتهم أو لإنقاذ أنفسهم من الركود الذي قد يلحقهم في رمضان. ”الحلواجيون”..أكثر المستفيدين خلال هذا الشهر تشهد محلات بيع الحلويات خلال هذا الشهر انتعاشا كبيرا في تجارتها، فمن فترة الصيف المعروفة بكثرة الأعراس والطلبات الكبيرة على الحلويات إلى رمضان الذي يشهد هو الآخر إقبالا منقطع النظير على الحلوى بجميع أنواعها، وهو ما أكده يزيد صاحب محل للحلويات التقليدية بشارع محمد بلوزداد الذي قال “خلال شهر رمضان يتضاعف العمل ونقوم باستقطاب أعداد وفيرة من الزبائن، كما أقوم بمضاعفة عدد العمال بالمحل، وأقوم بتنويع المنتجات مثل الزلابية العادية والتونسية وغيرها من الحلويات ك «المحنشة”، “السيجار”، ”البقلاوة” وأنواع أخرى عديدة “. وخلال جولة قادتنا إلى أحد المحلات الخاصة ببيع مستلزمات الحلويات بحيدرة التقينا بالسيدة ليلى التي كانت بصدد شراء مستلزمات الحلويات الخاصة بشهر رمضان، فأكدت لنا أنها تعتبر الحلويات التقليدية من الأطباق الرئيسية في الموائد الجزائرية خلال شهر رمضان، مضيفة “بعد رمضان يكاد ينعدم الاهتمام بهذه الحلويات لتترك مكانها للحلويات الأخرى التي تشترى عادة، في العيد أو خلال الأيام العادية”، من جانبها أكدت لنا السيدة نورة وهي “حلواجية” مختصة في صناعة العديد من أنواع الحلوى التقليدية والحديثة، أن شهر رمضان بالنسبة لها هو فرصة تستغلها لصناعة العديد من أنواع الحلويات التقليدية التي تلقى رواجا واسعا، وأضافت أنها في الأيام الأخيرة تعرض أنواعا أخرى من الحلويات، وذلك بمحلها الكائن بالكاليتوس، بالإضافة إلى أنها تعرض الزلابية وقلب اللوز الذي تعده رفقة فتاة تعمل معها. في السياق ذاته، أكّد لنا العديد من أصحاب محلات بيع الحلويات في العاصمة أن المواطنين في شهر رمضان يقبلون على أنواع معينة من الحلويات الخاصة بهذا الشهر، حيث يقول فاتح وهو بائع في محل للحلويات “إننا خلال شهر رمضان لا نعرض بعض أنواع الحلويات، حيث نقوم باستبدالها بحلويات أخرى تلقى إقبالا من طرف الزبائن، كالحلويات المشرقية التي تُطلَب من الزبائن وفي الكثير من الأحيان تكون طلبات خاصة لأنواع معينة للسهرات الرمضانية”، فيما وصف لنا وليد وهو بائع بمحل الحلويات التقليدية بشارع بلوزداد، أن أجواء الإقبال على الحلويات خلال شهر رمضان يكون بكثرة قائلا “الإقبال على شراء الحلويات التقليدية خاصة الزلابية وقلب اللوز وأنواع أخرى من الحلويات تعرف إقبالا واسعا، حيث تتشكل طوابير من الزبائن قبل وبعد الإفطار. من جهته، أكّد لنا أسامة وهو عامل بإحدى الشركات العمومية أنه خلال شهر رمضان يحبذ أن يأخذ عطلته السنوية قصد استغلالها بالعمل في مجال صناعة الحلويات، مادامت هذه التجارة تلقى رواجا كبيرا وتكسب المال. وللإشارة فإن كل من وزارة التجارة ومصالح الأمن تعملان بجهد من أجل محاربة مثل هذه المظاهر وردع كل شخص يحاول تغيير نشاطه لأسباب ظرفية، وفي هذا الإطار فإن كل من أعوان الشرطة مرفوقين بأعوان مراقبة الجودة وقمع الغش يقومون بجولة عبر المحلات التي تأكد أنها قامت بتغيير نشاطها حيث وجهت لهم إعذارات، وتحدد الأخيرة بمهلة ثلاثة أيام لأصحاب المحلات للعودة إلى النشاط التجاري السابق أو التعرض إلى متابعات قضائية.