قبل سنة سألت السيدة وزيرة الثقافة خليدة تومي إذا كان يمكن التفكير في تنظيم تظاهرة ''عاصمة الثقافة الأمازيغية''، على غرار تنظيم تظاهرة ''الجزائر عاصمة الثقافة العربية'' في عام 2007 ، وتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية'' في عام 2011 . لم تكن الوزيرة والمناضلة السابقة في القضية الأمازيغية تملك الإجابة عن مسألة تحتاج بالفعل إلى قرار سياسي من أعلى السلطة في الجزائر، لكنني كنت أملك الحق في السؤال، انطلاقا من الواقع الذي يفرض علينا بالقدر نفسه الذي نعتز فيه ونفتخر بالإسلام والعروبة، أن نعتز بالأمازيغية لغة وثقافة وتقاليد، ومن الحقيقة التي نتحسسها في وجدان التاريخ ومن ''جينة'' الإنسان الجزائري وطينته التي صقلتها الهوية الأمازيغية والانتماء العربي والقيم الإسلامية، وانطلاقا من الدستور الذي ينص في ديباجته أن ''المكونات الأساسية لهوية الجزائر هي الإسلام والعروبة والأمازيغية''، كما تنص المادة الثالثة من الدستور على أن ''تمازيغت هي كذلك لغة وطنية''. يحق لنا اليوم وقد نظمت الجزائر تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية وتلمسان عاصمة الثقافة العربية، أن نتساءل عما يمنع السلطة والحكومة والرئيس من التفكير في تظاهرة عاصمة الثقافة الأمازيغية.. فالأمازيغية تستحق أيضا أن نصنع لها عاصمة ثقافية في تيبازة أو باتنة أو تيزي وزو أو بجاية أو تمنراست، أيٌ من هذه المدن تستحق أن تكون عاصمة للثقافة الأمازيغية، وتستحق أن تكون التظاهرة فرصة للتصالح الحقيقي، وإسقاط كل العقد والحواجز التي بنتها النخب المغشوشة وسوّقتها الأيادي المدسوسة بين العربية والإسلام والأمازيغية، ومنصة لإطلاع العالم على الثقافة والتقاليد والإبداع الأمازيغي، ومتعة الغوص في تاريخ ماسينيسا ويوغرطة ولالة فاطمة نسومر، وإبداعات الفنان إيدير وآيت منفلات، وفكر العلامة آيت علجت، وكتابات مولود قاسم نايت بلقاسم ومولود فرعون وغيرهم، والاهتمام بالجبة القبائلية. تحتاج الجزائر في عز هذا الانفصام التاريخي المذهل، والتشكيك في الوجدان الوطني العميق، وتراجع الحس القومي، إلى رباط مصالحة مع الهوية الأمازيغية المظلومة، ومع اللغة الوطنية التي يتحدث بها أكثر من سبعة ملايين جزائري بحسب تقديرات غير رسمية وإلى إعادة اللحمة الوطنية باستغلال كل عوامل التنوع الثقافي واللغوي التي تزخر بها الجزائر، وتحويلها إلى عامل جمع ووحدة واعتزاز، حيث يحس كل طيف في المجتمع بكينونته ويشعر باعتراف المجتمع به وبأنه جزء لا يتجزأ من هذا الوجدان الجمعي والشعور المجتمعي. كنت أود انطلاقا من الدستور ومن باب العدل في احترام مكونات الشخصية الجزائرية، الإسلام والعربية والأمازيغية، وبعدما تم تنظيم تظاهرة ''الجزائر عاصمة الثقافة العربية'' في عام 2007 ، و''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية'' في عام 2011، أن يعلن مجلس الوزراء المنعقد في آخر أسبوع من 2012، عن تنظيم ''عاصمة للثقافة الأمازيغية'' أيضا. [email protected]