عندما نشحذ من السلطة لرفع أجورنا معناه أننا غير مستقلين أفاد وزير العدل، محمد شرفي، بأن انشغال القضاة بمسارهم المهني وبرفع أجورهم ''لا ينبغي أن يشكل ثقلا يحيد بهم عن الغاية المرجوة''، يقصد إنصاف المتقاضين. جاء ذلك في سياق اتهامات وجهها قضاة نقابيون للسلطة التنفيذية تتعلق ب''التدخل في عمل القضاة''، كما طرحوا مطلب رفع الأجور من جديد. قال شرفي، أمس، أمام أعضاء المجلس الوطني للنقابة الوطنية للقضاة، المجتمعين بالعاصمة في دورة عادية، إن القاضي ''يعيش إكراهات مادية واجتماعية وغيرها تعيق أولئك الذين يطمحون للسمو إلى العلياء في نبل''. وأوضح بأن الرئيس بوتفليقة ''أكد على وجوب أن يكون القاضي في منأى عن أشكال الضغط (..) وأن يحظى بمكانة اجتماعية كتلك التي يحظى بها القضاة في الدول المتقدمة، على أن يرتقي هو بدوره إلى مستوى أولئك القضاة''. وأضاف: ''إنكم كثيرون متيقنون أن الفساد وانعدام الكفاءة وغياب الأخلاق وفسادها ليست حتمية (..) أنتم كثيرون عازمون ألا تبقوا مكتوفي الأيدي أمام هذا الخطر المتجدد''. وتعهد الوزير بأن ينظر بعين الجدية في مطالب النقابة. وبحث أعضاء المجلس الوطني للنقابة مسألتين في أشغالهم التي دامت يوميا واحدا. الأولى تكريس استقلال القضاء في تعديل الدستور المرتقب، لإبعاد التدخلات الخارجية في عمل القضاة. والثانية رفع الأجور أسوة بما انتفعت منه الإطارات السامية العام الماضي. وقال رئيس النقابة، جمال عيدوني، بهذا الصدد: ''لا يمكن إجراء إصلاح سياسي بإعادة النظر في أحكام الدستور، في الشقين المتعلقين بالسلطة التنفيذية والتشريعية، دون أن يسايرها تعديل في الباب المتعلق بالسلطة القضائية بتعزيز استقلاليتها من حيث منظومتها وتشكيل مجلسها الأعلى الذي يكرس ويضمن ذلك''. وطالب عيدوني بالأخذ بمقترحات النقابة بخصوص استقلال القضاء، التي رفعتها للجنة المشاورات السياسية التي سبقت ما سمي ''إصلاحات سياسية عميقة''. وطالب الأمين العام للنقابة، كمال حيمر، بإبعاد سلطة وزير العدل عن المجلس الأعلى للقضاء نهائيا، وإلحاق المفتشية العامة به بدل وزير القطاع. وطالما شكلت المفتشية بعبعا أثار الرعب لدى القضاة، واستعملت من طرف وزراء سابقين لتبرير عقوبات تأديبية قاسية بحقهم. وأعاب حيمر على زملائه أنهم لم يحرصوا على فرض استقلالية القضاء، وأنهم تركوا النضال في هذا المجال للمحامين والصحافة ولجان حقوق الإنسان. ودعا إلى ''ضمان حماية مادية للقضاة عن طريق الدستور''، وإلى استبدال وزير العدل في نيابة المجلس الأعلى بالرئيس الأول للمحكمة العليا. وأضاف: ''إن الظرف حاسم حتى نفرض وجودنا''. وتساءل موسى بوصوف، مسؤول العلاقات الخارجية بالنقاب، على سبيل الاستهجان: ''هل يعقل أن يقول قسنطيني (رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان) المكلف من رئاسة الجمهورية برفع تقرير عن أداء القضاء، فيقول إنه مستقل ويأتي قضاة فيطلبون منه الإتيان بالدليل؟ الدليل موجود، وهو أننا عندما نشحذ من السلطة لرفع أجورنا معناه أننا غير مستقلين، هذا دون الحديث عن الضغوط وأشياء أخرى''. وطالب بوصوف بأن يعهد للمؤسسة التشريعية تحديد أجر القضاة. وتناول النقابي المقترحات التي أعدتها النقابة بخصوص تعديل الدستور، من بينها توسيع الإخطار بالنسبة للمجلس الدستوري إلى ثلث أعضاء المجلس الشعبي الوطني، ومقترحات أخرى بخصوص تعزيز الحريات وإحداث توازن بين السلطتين التنفيذية والقضائية.