قدم وزير الشؤون الدينية والأوقاف، بوعبد الله غلام الله، مقاربة جديدة لتسيير الأملاك الوقفية مستقبلا بالجزائر، مفادها ضرورة الخروج من ثقافة ''الغيطو'' في قضية الوقف المقتصرة حاليا بالجزائر على المساجد والمدارس القرآنية، ودعا إلى حتمية توسيعها لتشمل مستقبلا قطاع الصحة، ومراكز الاعتناء بالطفولة المسعفة والأيتام والأرامل وباقي الفقراء. ولمح إلى أن قلة الأملاك الوقفية في الجزائر وانحصارها يعكس ضعف المجتمع المدني في هذا البلد. كان الملتقى الخاص بالدورة التدريبية حول إدارة واستثمار الأملاك الوقفية الذي افتتحت فعالياته أمس بدار الإمام بالعاصمة، والذي حضره عدد من ممثلي الدول العربية والإسلامية، فرصة لبوعبد الله غلام الله لتقديم منظوره الذي أخذ شكل مقاربة منهجية جديدة، ربط فيها بين درجة الاستثمار في الأملاك الوقفية وقوة المجتمعات المدنية، حين أشار إلى أنه لو أن الثروة تحولت إلى المجتمع بدل الدولة لما عشنا ضغطا من قبل دول أجنبية تتغنى بالربيع العربي، بعد أن عرج على العلاقة الموجودة بين المجتمعات المدنية وتسلط الحكام. وقال في سياق ذلك، ''إننا نريد في هذا التدخل معرفة رمزية التوقف عن التصرف في الثروة''، في إشارة إلى أن المجتمع المدني في الدول العربية بينها الجزائر، لا يملك بيده الثروة على نحو ما هو عليه المجتمع المدني في أوروبا، الذي وصفه بكونه مجتمعا قويا في جانب استثماراته الخاصة التي مكنته من حيازة الثروة وأصبح مستغنيا عن خدمات الدولة، ولاسيما بمساهماته في إنتاج العلم والمعرفة، وكان لذلك ارتدادات حسنة على تحرير الفرد هناك حيث يشارك أكثر في الحياة الاجتماعية. وبدا الوزير مقتنعا بأنه لو أن مؤسسة الأوقاف هي التي تبني سكنات لما تراكمت مشاكل السكن في الجزائر، ودعا إلى تحرير الاستثمار في الأملاك الوقفية قصد العودة إلى المؤسسات الخيرية لإنقاذ الضعفاء والأرامل والفقراء. وعاد غلام الله إلى التاريخ ليبين قيمة الأملاك الوقفية في تماسك المجتمع الجزائري، حين أشار إلى أن الاستعمار الفرنسي أول شيء فعله عند دخوله هو تأميم الأملاك الوقفية لقطع أرزاق الجزائريين وتفكيك الروابط المجتمعية التي كانت موجودة، وقدم في سياق ذلك ملاحظة مفادها أن الأملاك الوقفية في الجزائر محصورة فقط في بناء المساجد والمدارس القرآنية. وقال إن ذلك لا يساهم في تنمية المجتمع وتحريره، ولأجل ذلك قال: ''إننا ندعو إلى توسيع الوقف ليشمل الاستثمار في مجال الصحة، التكفل بالطفولة المسعفة، الأرامل، وتوسيع الاستثمار في الوقف هدفه تحصين المجتمع ضد العنف ومختلف ظواهر الاجتماعية الخطيرة، لأن العنف ناجم عن عدم إيجاد الناس لما يسدون به رغباتهم''. وأشار إلى أن الأملاك الوقفية التي يمكن إنشاؤها وتوسيعها قد تشمل مصانع، بنايات وحتى الاستثمار في الكهرباء والغاز. وقال إن عدد الأملاك الوقفية التي هي بصدد الاسترجاع تقدر ب4 آلاف وقف، وهناك عراقيل إدارية تحول دون إتمام العملية، فيما قدر عدد الأوقاف المحصاة ب8 آلاف وقف، أما نسبة تحصيل أموال الوقف فقال عنها إنها لا تتجاوز 25 بالمائة نتيجة قلة اليد العاملة ورفض البعض دفع مستحقات الإيجار.