العقيقة هي الذبح على المولود، شكرًا لله تعالى على نعمة الولد. وهي مستحبة، غير واجبة، فقال ابن عبد البرّ قول الإمام مالك رحمه الله: ''وليست العقيقة بواجبة، ولكنّها يستحب العمل بها، وهي من الأمر الّذي لم يزل عليه النّاس عندنا''. وأخرج البخاري في صحيحه عن سلمان الضبي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''مع الغلام عقيقة، فأريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى''. وعن ابن عبّاس، رضي الله عنه، أنّ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''عقّ عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا'' أخرجه أبو داود والطبراني وهو صحيح. فالسنّة القولية والسنّة الفعلية، كما سبق ذِكره، تؤكّدان استحباب العقيقة. وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ''وأميطوا عنه الأذى''، بمعنى: حلق شعر الصّبي يوم عقيقته، بدليل الحديث الّذي رواه سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''كلّ غلام رهينة بعقيقته تُذبح عنه يوم سابعه، ويسمّى فيه، ويُحلق رأسه'' رواه أبو داود والنسائي، وهو صحيح. ومن السنّة أن يوزن شعر ذلك الصّبي، ويتصدّق بقيمة ما يقابله من الفضّة. روى مالك في الموطأ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن عليّ بن الحسين أنّه قال: ''وزنت فاطمة بنت رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، شعر الحسن والحسين، فتصدّقت بزنّته فضة'' أخرجه الطبراني. وعن أنس بن مالك أنّ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أمر برأس الحسن والحسين يوم سابعهما، فحلّق وتصدّق بوزنه فضة. ويُسنّ أن تذبح عن الذّكر شاتان وعن الأنثى شاة واحدة، لحديث عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''وعن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة'' أخرجه الترمذي وأحمد وابن ماجه وغيرهم، وهو حديث صحيح. كما روى عبد الرّاق في مصنّفه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال: سئل النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، عن العقيقة؟ فقال: ''وكأنّه كره الاسم. قالوا: يا رسول الله. ينسك أحدنا عن ولد له؟ فقال: من أحبّ منكم أن ينسك عن ولده، فليفعل عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة'' أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد وغيرهم، وهو صحيح. والعقيقة تكون في اليوم السابع، كما ثبت في الحديث الّذي سبق ذكره عن سمرة بن جندب. ومَن لم يعقّ عن طفله في اليوم السابع، جاز له أن يعقّ عنه بعد أربعة عشر يومًا من مولده، أو بعد إحدى وعشرين يومًا، لما رواه البيهقي عن عائشة، رضي الله عنه، قالت: ''بل السنّة أفضل عن الغلام شاتان متكافئتان، وعن الجارية (البنت) شاة، تقطع جدولاً، ولا يكسر لها عظم، فيأكل ويطعم ويتصدّق، وليكن ذلك يوم السّابع، فإن لم يكن ففي أربعة عشر، فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين'' أخرجه البيهقي والحاكم. وروى ابن وهب عن مالك أنّه قال: ''إن لم يعقّ عنه يوم السابع، عقّ عنه يوم السابع الثاني''. قال ابن وهب: ''ولا بأس أن يعقّ عنه في السابع الثالث''، أي يوم الواحد والعشرين. أمّا كسر عظام الذبيحة، فقد ذكر ابن عبد البرّ أنّ مالكًا والشافعي يقولان بجواز ذلك.