أحزاب التحالف تهدد بالانسحاب وتتهم النهضة بإقامة ''ديكتاتورية دينية'' يعيش التونسيون حالة من الترقب في انتظار الإعلان عن التعديل الحكومي الذي كان مقررا منتصف الشهر الحالي، حيث قررت حركة النهضة التي تقود التحالف الحكومي، تأجيله إلى تاريخ اليوم 22 جانفي. يأتي هذا التعديل في الوقت الذي أعلنت غالبية أحزاب المعارضة رفضها المشاركة في الحكومة الجديدة، مع العلم أن حركة النهضة الإسلامية شرعت في مشاورات مع مختلف الأحزاب، في محاولة لضمهم للتحالف الحكومي وامتصاص الاستياء العام الذي طبع الساحة السياسية التونسية، غير أن هذه الجهود باءت بالفشل بعد رفض التشكيلات الحزبية الانضمام للتحالف الحكومي، في ظل ما اتفقوا على تسميته ''هيمنة حركة النهضة على الحقائب السيادية''. فقد أشار أحمد نجيب الشابي، رئيس الحزب الجمهوري، إلى أن المطلوب في المرحلة الحالية تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الأطياف السياسية دون استثناء، على أن تكون للتحضير للانتخابات والخروج من المرحلة الانتقالية، أو تشكيل حكومة تكنوقراطية لتصريف الأعمال. غير أن تمسك حركة النهضة بالحقائب السيادية، تسبب في امتناع الأحزاب المعارضة عن قبول الدعوة للانضمام إلى لتحالف الحكومي. من جهته، اعتبر حمة الهمامي، رئيس حزب العمال والناطق باسم الجبهة الشعبية، أن التعديل المرتقب لن يساهم بأي شكل من الأشكال في حل المشكلات العالقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن حركة النهضة تسعى للحفاظ على سيطرتها على مفاصل الدولة التونسيةالجديدة، كما اتهم الحركة الإسلامية بالسعي لإقامة ديكتاتورية دينية. ويبدو أن الاستياء من الأداء الحكومي والتعديل الوزاري المرتقب، تجاوز أحزاب المعارضة ليشمل الأحزاب المشاركة في التحالف الحكومي، إذ هدد حزب التكتل الديمقراطي للعمل والحريات الذي يرأسه مصطفى بن جعفر، بالانسحاب من التحالف الحكومي بسبب أزمة وزارتي العدل والخارجية، حيث تصرّ حركة النهضة على الاحتفاظ بهذه الحقائب، رغم الانتقادات الكبيرة التي طالت القائمين على الوزارتين. واعتبر مصطفى بن جعفر أن إصرار النهضة على التمسك بالحقائب السيادية، دليل على الرغبة بالتحكم في مفاصل الدولة. المثير أن أحزاب المعارضة وأحزاب التحالف الحكومي، اتفقت على أن حركة النهضة باتت تتحكم في الحكومة، ما جعل الساحة السياسية التونسية تندد بالتداخل الكبير بين حزب حركة النهضة والدولة، وبتأثير زعيم الحركة الإسلامية راشد الغنوشي على رئيس الوزراء حمادي الجبالي ومعاملته على أنه المسؤول الأول عنه، الأمر الذي بات يهدد بخلق أزمة سياسية جديدة في تونس ترهن المرحلة المقبلة، فيما تطالب أحزاب المعارضة بالتسريع في صياغة دستور وإجراء انتخابات، لإنهاء المرحلة الانتقالية والتفرغ لحل مشكلات المواطن التونسي الاقتصادية والاجتماعية. على هذه الخلفية، يُنتظر أن يتم الإعلان عن تعديل حكومي، قالت مصادر تونسية بشأنه إنه سيشمل عددا من الحقائب الوزارية، على غرار التجارة والبيئة والتربية والسياحة والصناعة والفلاحة، بينما ذكرت ذات المصادر أنه سيتم استحداث منصب نائب رئيس الحكومة، مع العلم أن حركة النهضة تظل تحافظ على الحقائب السيادية المتنازع عليها.