في حديث لها مع ''الخبر'' أكدت الدكتورة فتيحة غاشي رئيسة مصلحة علاج سرطانات الأطفال بمركز مكافحة السرطان بيار وماري كوري بالجزائر العاصمة، تسجيل ألف حالة جديدة لمختلف أنواع السرطانات عند أطفال الجزائر. مشيرة في حوار ل''الخبر'' إلى مشكل انقطاع التموين بالأدوية الذي يضطرون في كل مرة إلى تعليق علاج صغار المرضى بسبب تلك الانقطاعات. عدد الأطفال المصابين بالسرطان في ارتفاع مستمر، لماذا؟ يرجع السبب الرئيسي إلى التغيرات التي عرفتها الوضعية الوبائية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة. إذ في الوقت الذي كان يموت أطفالنا بسبب أمراض مثل السل والإصابات الرئوية وبداء الحصبة (بوحمرون)، أصبح السرطان بمختلف أنواعه واحدا من الأسباب الرئيسية لوفيات الأطفال. ويكفي أن نتوجه إلى مصالح أمراض الأطفال بمختلف مستشفياتنا، لنلاحظ أن 70 بالمائة من حالات الصغار المتواجدين بها للعلاج مصابون بالسرطان، والنسبة المتبقية أي 30 بالمائة، للعلاج من أمراض أخرى، وهو ما يرجّح كفة هذا المرض الخطير على حساب أمراض أخرى. ما هي نسبة انتشار هذا المرض لدى هذه الفئة؟ نسجل أكثر من ألف حالة جديدة سنويا لمختلف أنواع سرطانات الأطفال. كيف تتكفلون بهؤلاء الصغار؟ ينبغي أن نعلم أن سرطان الدم هو أكثر الأنواع انتشارا عند الأطفال متبوعا بسرطان اللموفوما (على مستوى الرقبة)، ثم أورام المخ يليه سرطان العظام ثم سرطان الأنسجة الرخوة وسرطان العين، مع الإشارة أنه السرطان الذي يتوفر على نسبة أكبر من النجاح في علاجه نظرا لأن تشخيصه يتم مبكرا بسبب ظهور أعراضه للعيان. ويجب أن نعرف أن سرطانات الأطفال تتكرر بمعدل مائة مرة أكثر من سرطانات الشخص البالغ كما أنها تتطور بصفة جد سريعة. وبالتالي كلما تم الكشف عنها مبكرا كلما تمكّنا من علاجها، لكن للأسف تصلنا حالات صغار مصابون في أوقات متأخرة لا يمكننا بالتالي إنقاذهم، لكن هذا لا يعني انعدام نسبة نجاح العلاج تماما، بل يمكنني القول أن نصف الحالات تتماثل للشفاء والفضل يرجع للتكفل النوعي بالمرضى لأطبائنا المختصين في مجال سرطان الصغار، لكن تبقى هناك نقائص كبيرة يجب تداركها لتفادي وفيات أكثر في وسط هؤلاء الصغار. نقائص مثل ماذا؟ إنها كثيرة ويتصدرها مشكل انعدام الهياكل المهيأة لاستقبال الأطفال المرضى. وخلافا لمركز الأمير عبد القادر بمدينة مسرغين في ولاية وهران، وهو الوحيد المتخصص في علاج صغار مرضى السرطان، لا توجد مراكز أخرى رغم أنه كان من المفترض فتح مركز وطني بالجزائر العاصمة، وهو مشروع تم الاتفاق عليه منذ أكثر من عشر سنوات ولم يجسّد على أرضية الواقع لحد الآن. حاليا، لا تتوفر لدينا سوى وحدات صغيرة ببعض مستشفيات البلاد، فضلا عن وحدة مركز بيار وماري كوري في العاصمة والذي يتكفل بعلاج هؤلاء الأطفال لكنها غير كافية نظرا للعدد الكبير الذي تستقبله يوميا. وأين يكمن الحل؟ من خلال الإسراع في تجسيد المشروع الذي تم تبنيه في 2001 من طرف الوزير السابق للصحة عمار تو (وزير النقل الحالي)، والذي كان من المفروض أن ينجز في دائرة باب الوادي، وتم آنذاك اختيار الموقع ونشرت المناقصات الوطنية الخاصة بإنجازه، لكنه لا شيء تحرك على الارض. ومن خلال جريدتكم ''الخبر''، نطالب بصفتنا مختصين في علاج الأطفال مرضى السرطان بضرورة التعجيل بإطلاق هذا المشروع لأنه سيسمح بضمان تكفل أفضل بالأطفال.