قرأت، يوما، بإحدى الصحف الأمريكية، خلال الحرب العراقية الأخيرة، أن المربّين وعلماء النفس هناك، ببلاد العم سام، نصحوا الآباء بتجنيب صغارهم مشاهدة ما يحصل لأطفال العراق، من تخويف وتشريد، عبر مختلف القنوات التلفزيونية، حتى لا يتضرروا نفسيا.. فصدمت، آنذاك، من تلك المفارقة العجيبة، وتساءلت هل يعقل أن يُشرّد ويُقتل أطفال بلد ويتضرر، نفسيا، أطفال بلد آخر؟ وعاودتني الأحاسيس نفسها والجزائر تشهد ما حصل للصغيرين هارون وإبراهيم.. فكيف يتمكّن بلد من ضمان أدنى الحقوق لأطفاله، بما فيها الحرص على تجنيبهم مواقف من شأنها أن تتضرّر، على خلفيتها، نفسياتهم، ويفشل بلدنا في ضمان أدنى الحقوق لصغاره وهو الأمان. هل بات مكتوبا على أطفال الجزائر الخوف من بعبع اسمه ''الاختطاف''، في ظل عجز أجهزة الأمن، التي فلحت في الترصّد لمن خالف إشارة مرور أو اخترق الطريق المخصص لمرور''القيّاد''، عن حمايتهم. كنا، ونحن صغار، يتعمّد آباؤنا تخويفنا بشبح أسموه آنذاك ''خطّاف الذراري''، ورغم أن فترة السبعينيات كانت من آمن الفترات بالجزائر، إلا أننا كنا نتفادى كل ما ينهانا عنه الكبار، خوفا من ''خطّاف الذراري''، الذي لم يكن له وجود آنذاك، وأقسم أنه لو وجد لفزع وارتاع ممن امتهن زرع الرعب، حاليا، في قلوب البراءة والتنكيل بهم، هذا الشيطان الآدمي الذي ظهر في زمن باتت فيه حيل الآباء في تخويف أبنائهم لا تنطلي على صغار الوقت الحالي.. وإلا لتجنّبه ''هارون '' و''إبراهيم'' و''شيماء '' و''سندس'' و''صهيب''، وغيرهم كثير.. ''خطّاف الذراري الحالي'' سادتي، ليس شبحا أو ''بعبعا''.. بل شباب فاشل.. مخدّر.. زنديق.. متعاط لكل أنواع المهلوسات.. فشل في مواجهة الكبار، ولم يجد غير الصغار لإشباع غريزته الحيوانية.. والتخلص منهم، مستعملا أبشع الطرق.. فتبّا ل''خطّاف ذراري العصر الحالي''، وعافى الله أطفالنا منه مستقبلا.ئ؟