يفتقر عدد كبير من عيادات الأسنان، في الجزائر، لشروط المطابقة التي يتوجب توفرها ضمن هذه الهياكل التي تستقبل، يوميا، عشرات المرضى الذين يدفعون الكثير مقابل خدمات لا ترقى للمستوى المطلوب، بل قد تعرّضهم لأمراض قد تلازمهم وقتا ثم تعجّل بموتهم، على غرار ''السيدا'' والتهاب الكبد الفيروسي. عن هذه الفكرة أكد السيد مصطفى زبدي، الأمين العام للفيدرالية الجزائرية لحماية المستهلك، أنه من بين 1300 عيادة أسنان متوفرة في الجزائر العاصمة، خضعت 700 منها للرقابة التي أكدت مصالحها أن أكثر من 400 عيادة لا تتوفر على المطابقة ولا المقاييس المنصوص عليها صحيا والواجب توفرها في عيادات الأسنان، مشيرا إلى أن فيدرالية حماية المستهلك سعت، منذ مدة طويلة إلى لفت انتباه السلطات والممارسين إلى ما يحصل في عيادات جراحة الأسنان. ففي الوقت الذي تشهد أسعار العلاج ارتفاعا محسوسا، حيث يتجاوز العلاج البسيط ال2000 دينار، لم تعرف نوعية الخدمات أي تحسن يذكر، يقول مصطفى زبدي الذي أضاف أنهم تلقوا شكاوى من عديد المواطنين، تتفق معظمها في انعدام شروط النظافة، مثل عدم تغيير أدوات فحص الفم بين زبون وآخر، إلى جانب عدم تغيير الكؤوس البلاستيكية التي يستعملها المريض لغرغرة فمه أو استعمال كأس زجاجية يتداول عليها مرضى العيادة، ناهيك عن تعمّد العمل بذات القفازات طيلة اليوم دون السعي لتغييرها، رغم أن ذلك شرط أساسي من شروط النظافة بعيادات الأسنان، حتى أن منهم من يلجأ إلى إعادة غسلها رغم أنها مصنوعة من مادة ال''لاتيكس''، يقول زبدي متسائلا ''منذ متى كان الصابون السائل وسيلة لتعقيم مادة ال ''لاتيكس''؟!''. تلك الوضعية المزرية لكثير من عيادات الأسنان وقفت عليها، حسب السيد زبدي، مصالح الرقابة التابعة لوزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، التي أشرفت على مراقبة 700 عيادة أسنان خاصة من بين 1300 عيادة متوفرة في الجزائر العاصمة، ليتبين أن 400 عيادة من ضمن ال700 لا تتوفر فيها شروط المطابقة. يحدث هذا بالجزائر العاصمة التي من المفروض أن تكون نموذجا لغيرها من العيادات عبر الوطن ''وهو ما يعني أن ما خفي عبر عيادات الجزائر العميقة هو أعظم''، يضيف زبدي، ليلقي بكامل المسؤولية على عاتق مصالح رقابة الوزارة، حيث ''يكفي فقط أن يحصوا عدد المرضى وعدد الكؤوس البلاستيكية ومن المفروض أن يكونوا متساويين، ليعرفوا ما إذا تم بالفعل احترام المقاييس الواجب التعامل بها في عيادات الأسنان من عدمه''. نقطة أخرى تطرق لها محدثنا، ممثلة في جهاز تعقيم أدوات طبيب الأسنان ''أوتوكلاف'' الذي من المفروض أن تحوزه كل عيادة أسنان، لكن تقارير ميدانية أثبتت أن عددا كبيرا من أطباء الأسنان لا يملكونه، و''طبعا فإن العمل بعتاد غير معقّم تسبب في أمراض على رأسها التهاب الكبد الفيروسي والسيدا''، يقول زبدي. وحول نفس الفكرة، أشار الدكتور وحّاش عزيوز، نائب رئيس مجلس أخلاقيات مهنة طب الأسنان، إلى أن توفر جهاز التعقيم مهم فعلا، لكن يتوجب معه تنظيف الأدوات قبل وضعها داخل الجهاز، لأن إيداع أدوات متسخة داخل ال''أوتوكلاف'' (أداة التعقيم) لا يعني بالضرورة تعقيمها. كما طرح الدكتور وحّاش مشكل النقص الكبير في المساعدين الإكلينيكيين لأطباء الأسنان، مشيرا إلى أنه من المفروض أن يتوفر طبيب الأسنان على مساعدين اثنين، أحدهما مكلف بتعقيم الأدوات والآخر بغسلها. لكن المعمول، به، خاصة في القطاع العمومي، تولّي عاملات النظافة مهمة المساعد الإكلينيكي. ويبقى أن نشير إلى رأي السيد زبدي فيما تشهده، حاليا، عديد عيادات الأسنان التي بات أصحابها يلهثون وراء الربح المادي فقط، دون توفير خدمات نوعية، رغم أنها مهنة شريفة.