تتواصل تداعيات الفضيحة الأخلاقية التي أحدثها وزير الميزانية الفرنسي المستقيل، جيروم كايوزاك، على إثر كشف إخفائه رصيدا بنكيا في بنوك بسويسرا وسنغافورة بقيمة 600 ألف أورو، وقد سارعت المعارضة اليمينية للمطالبة باتخاذ إجراءات صارمة، من قبيل استقالة الحكومة الحالية وتعويضها بحكومة تضم أسماء شخصيات أكثر ''نزاهة''، على حد قول جون فرانسوا كوبيه، زعيم حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية. تزامن الحديث عن فضيحة وزير الميزانية مع كشف الصحافة الفرنسية عن شبهات مالية أخرى قد تطال مقربين من الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، وكانت صحيفة ''لوموند'' الفرنسية أكدت في عددها الصادر أمس أن المسؤول السابق عن صندوق حملة الانتخابات الرئاسية لفرانسوا هولاند، جان جاك أوجييه، هو الآخر يملك أرصدة مالية في المناطق المشهورة بكونها ''جنة ضريبية'' والتي يقصدها عادة المتهربون من دفع الضرائب في بلدانهم، غير أن المعني سارع إلى التأكيد أن الرئيس الفرنسي والحزب الذي ينتمي إليه على غير دراية بهذه الأرصدة، معتبرا الأمر مسألة شخصية، في تأكيد على أنه ''لم يخالف القانون الفرنسي'' وأنه لا يملك مالا في هذه الأرصدة تدفعه للتهرب من الضرائب. وفي السياق ذاته، أكد الإعلامي إدوي بلينال، مؤسس موقع ''ميديابارت'' الذي فجر فضيحة كايوزاك أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند كان على علم بامتلاك وزير الميزانية السابق لأرصدة خارج فرنسا، إلا أنه لم يبادر إلى اتخاذ التدابير اللازمة قبل تفجير الفضيحة إعلاميا، كما أكد بلينال في حديث من المقرر عرضه على القناة الفرنسية العمومية اليوم أو غدا الأحد، أن فضيحة كايوزاك بداية لفضيحة أكبر ستطال الجمهورية الفرنسية، في إشارة إلى عدد من التجاوزات المالية لشخصيات مقربة من الرئيس هولاند سيتم الكشف عنها عبر الموقع الإخباري. في هذه الأثناء، كشفت استطلاعات الرأي الفرنسية عن تراجع كبير لشعبية الرئيس الفرنسي الذي وجد نفسه مضطرا لتفنيد الاتهامات الموجهة له بخصوص علمه بالفضيحة الأخلاقية والمالية لوزير الميزانية، فقد أكد فرانسوا هولاند في ختام زيارته إلى المملكة المغربية أنه لم يكن على علم بأي نشاط مالي أو ضريبي لجيروم كايوزاك، مشيرا إلى أن مطالب المعارضة بتغيير الحكومة أمر مبالغ فيه، باعتبار أن تجاوز كايوزاك ''مسألة شخصية منفردة خطيرة، لكنها ليست قضية دولة ولا يمكن تحميل طاقم الحكومة مسؤولية خطأ شخص''، مستبعدا إجراء تعديل حكومي في الوقت الراهن، والجدير بالذكر أن فضيحة كايوزاك عمقت من أزمة الحكومة الفرنسية التي تعاني من تبعات الأزمة الاقتصادية، فقد كشف استطلاع للرأي أجراه معهد ''تي.أن.أس سوفريس'' قبل اندلاع قضية أن شعبية فرنسوا هولاند تدنت خلال مارس منصرم إلى أدنى مستويات بلغها رئيس فرنسي خلال السنة الأولى من توليه الحكم، إذ بلغت 27 بالمائة. من جهة أخرى، أعلن البرلمان الفرنسي أنه تلقى طلبات من مقربين من وزير الميزانية السابق، جيروم كايوزاك محل الجدل بسبب الفضيحة المالية والأخلاقية أنه طلب استعادة كرسي النيابة الذي تركه في وقت سابق من أجل المنصب الوزاري، مع العلم أن القانون الفرنسي يتيح للنواب الذين تركوا مقاعدهم من أجل مناصب أخرى العودة إلى المقعد النيابي في غضون شهر عقب تخليهم عن المنصب الوزاري أو أي تكليف في منصب عمومي آخر، غير أن وزير الميزانية المستقيل والمتابع قضائيا بتهمة التهرب الضريبي لم يجد ردودا مرحبة بعودته للبرلمان، ما يفتح المجال لإجراء انتخابات جزئية لتعويضه.