لا.. يا ناس الدستور ليس قضية السلطة وحدهما، سواء كانت شرعية أو منقوصة الشرعية، أو فاقدة للشرعية، كما هو الحال في الجزائر، الدستور مسألة تخص الأمة بكاملها.. ولا يخص فقهاء القانون والتقنيين فيه وحدهم. - في سنة 1986 قام الرئيس الشاذلي بالدعوة إلى إثراء الميثاق الوطني وإثراء الدستور! وأثير وقتها نقاش في الصالونات، وليس في الصحف، عن شرعية ما يقوم به الرئيس ضد الميثاق والدستور! خاصة أن الرئيس أدى اليمين الدستورية على أنه يحمي الدستور والميثاق فكيف ''يحنث'' ويغيّر الدستور؟! وسمعت وقتها أحد السياسيين يقول: الرئيس الشاذلي لم ''يحنث''، حيث دعا إلى تغيير أو إثراء أو تعديل الدستور، خلافا لليمين الذي حلفه على المصحف الشريف، وقال فيه إنه يحترم الدستور! لأن يمين الرئيس كان باطلا، لأنه حلف ووضع يده على المصحف وهو مقلوب! لذلك لا نتعجب إذا كان تصرفه مقلوبا لما حلف عليه. - الرئيس بوتفليقة، اليوم أيضا، أصبح خارج الالتزام بالأحكام الدستورية، لأنه فقد شرعيته بصورة شبه كاملة في نظر الدستور.. فقد غيّره ثلاث مرات، وهو الذي حلف على المصحف بأن يحترمه! وأكثر من هذا قال عند إجراء التعديل الأول، في بداية عهدته الأولى، إنه عدّل الدستور خارج إرادة الشعب، لأنه لو عرض هذا التعديل على الشعب لرفضه! هكذا عمل الرئيس ضد إرادة الشعب، وبالتالي لا يمكن أن يقول إن التعديل الأول أو الثاني، وحتى التعديل القادم سيتم وفق إرادة الشعب. زيادة على هذا كله، فإن مسألة الشرعية، في جوهرها، هي رضا الناس عن الحاكم.. ويكون هذا الرضا معبّرا عنه بالانتخابات الحرة والنزيهة، أو بالمظاهرات. والحال أن الجزائر، الآن، تمور بالاحتجاجات على حكم الرئيس! ولا يمكن أن يقول قائل إن الاحتجاجات ضد الحكومة وإدارة الرئيس، وليست ضد الرئيس؟! والمثل في هذا تونس ومصر، فقد أدت المظاهرات والاعتصامات إلى رحيل الرئيس، وليس رحيل إدارة الرئيس فقط؟! وهنا يُطرح التساؤل الجدي.. هل الرئيس الذي لم يستطع أن يوزّع، بعدالة وبشرعية، السكنات التي بناها يمكن أن ينجز، بكفاءة ونزاهة يقبلها الشعب، عملية وضع القانون الأساسي للأمة..؟! أو حتى تعديل هذا القانون بصورة جوهرية؟! إنني أتساءل، مع المتسائلين، عن جدية إصلاح الدستور، والخوف كل الخوف أن يكون إصلاحه مثل إصلاح العدالة والتعليم والإدارة.. فقد أسند الرئيس عملية إصلاح هذه القطاعات إلى خبراء أيضا..