إذا صح الاتجاه نحو تعديل الدستور بواسطة الاستفتاء الشعبي، وليس تعديله بواسطة برلمان ''تعلم الحفافة في رؤوس الأحزاب اليتيمة''..! إذا صح هذا الأمر فإنه يكون بداية وعي الرئيس، بوتفليقة، بضرورة عمل شيء للبلاد في آخر أيام حكمه يبقى له ذكرا وذكرى. × لا أتصور أن برلمان الحفافات ستسند له مهمة تعديل الدستور في العمق، والرئيس بوتفليقة لديه من الحنكة السياسية ما يجعله لا يقبل مسرحية تشريحية على هذا المستوى من الخطورة، ويقوم بها النواب الذين لم تستطع قيادات أحزابهم حتى حل مشاكلها السياسية الداخلية. × الذهاب للاستفتاء يمكن أن يفهم على أن التغييرات الدستورية ستكون سياسية وعميقة، وينبغي أن تذهب إلى عمق المشاكل الدستورية، وهي إنهاء هيمنة السلطة التنفيذية على باقي السلطات.. وإنهاء حالة الشكلية في المؤسسات الأخرى، مثل المجلس الدستوري ومجلس المحاسبة والأحزاب. × فعل كهذا يمكن أن يفهم على أن الرئيس بوتفليقة يريد إنجازه في الدستور، قبل أن يسلم الأمانة لمن يخلفه.. وهو بالفعل الترتيب الجدي الفعلي الذي يريد الرئيس إنجازه في آخر أيام حكمه. × الرئيس، الذي قال بمحض إرادته ''عاش من عرف قدره.. وطاب جناني'' يكون من العابثين إذا فكر في عهدة رابعة.. ولا يفكر في تأمين جدي لخليفته بواسطة دستور جيد وجدي، يضعه الرئيس قبل أن يرحل ويبقى ذكرا له. × أحسن ما يخدم به الرئيس مرحلته الانتقالية في حكم الجزائر هو وضع دستور جيد وجدي، وإجراء انتخابات رئاسية حرة، وبرلمانية حرة متزامنة مع الرئاسيات، لضمان تجديد مؤسسات الدولة وفق مرحلة حقيقية تكرس فيها إرادة الشعب بالانتخاب. × إذا كانت الإصلاحات في الدستور تفتح هذا الأفق في مسار الشعب والحكم، فالاستفتاء على الدستور سيكون بمثابة استفتاء على الاستقلال سنة 1962 . أما إذا كان الأمر تحايلا جديدا على الشعب ومحاولة تمديد عهدة الرئيس بأحكام انتقالية، أو تجديدها بالتحايل على الشعب بالمؤسسات الفاقدة للشرعية.. فالشعب لن يعدم إيجاد صيغة فعالة للتعامل مع هذا الاحتيال، مهما كان نوعه ومصدره. × لا نريد دستورا يحدد العهدات فقط، وينشئ منصب نائب الرئيس، بل نريد دستورا يضع المؤسسات تحت سلطة الشعب الفعلية. لا نريد دستورا يكون وسيلة لتبرير الاعتداء على حق الشعب في انتخاب المؤسسات ومحاسبة أدائها.. × الرئيس بوتفليقة تاريخه وراءه.. وقد شاءت الأقدار أن يصبح الرئيس الجزائري الذي يحكم الجزائر أطول مدة، لم تمنح لمن سبقه، ولن تمنح لمن يأتي بعده.. ومهما كانت التعديلات، التي ستدخل على المادة 74 من الدستور، سيبقى بوتفليقة هو الرئيس الوحيد الذي حكم الجزائر أطول مدة اليوم وغدا.. لذلك فإن رسالة الرئيس، في آخر أيامه، ستكون دستورا جيدا. وخليفته يتمتع بالشرعية غير المطعون فيها.. وهذا أجمل ما يمكن أن يختم به الرئيس حياته السياسية. [email protected]