غياب استقلالية القضاء والاستعمال المفرط لقوة الشرطة والحبس الاحتياطي أفاد تقرير حقوق الإنسان الصادر سنويا عن وزارة الخارجية الأمريكية، بأن الحكومة الجزائرية ''تقيد حرية التجمع وإنشاء الجمعيات''. وانتقد غياب استقلالية القضاء والاستعمال المفرط للحبس الاحتياطي ومحدودية الجزائريين في حقهم في تغيير حكومتهم، لكنه في المقابل يشيد بمرور الانتخابات التشريعية في هدوء وفتح مجال السمعي البصري ومكانة المرأة في ممارسة السياسة. لم تغير وزارة الخارجية كثيرا من لهجتها تجاه الجزائر، فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، بما أنها لا ترصد أي تغيير إيجابي في تقريرها السنوي لحقوق الإنسان للعام الماضي. وتتحدث الخارجية الأمريكية هذه المرة عن ملاحظات رئيسية أهمها محدودية قدرة الجزائريين على تغيير حكومتهم والاستخدام المفرط للقوة من جانب الشرطة، بالإضافة إلى تقييد ثلاثة عناصر أساسية، يحددها التقرير في تقييد حرية التجمع وإنشاء الجمعيات وغياب استقلالية القضاء والاستعمال المفرط للحبس الاحتياطي. ويتحدث التقرير الأمريكي، الذي نشر أمس، عن تعارض بين منصوص الدستور الجزائري وتطبيقاته فيما يخص الحق في التجمع، قائلا: ''على الرغم من أن الدستور ينص على حرية التجمع وتكوين الجمعيات، لكن الحكومة تقيد بشدة هذا الحق في الممارسة العملية''. ويذكر بالخصوص ''الحظر المفروض على المظاهرات في الجزائر العاصمة''، ويضرب التقرير مثلا عن حظر مسيرة الحرس البلدي التي انطلقت من البليدة العام الماضي، بالإضافة إلى تقييد ''تراخيص لأحزاب سياسية ومنظمات غير حكومية، وجماعات أخرى لتنظيم تجمعات في أماكن مغلقة''، باعتماد المصالح الإدارية لأسلوب الرفض أو تأخير منح الترخيص حتى عشية الحدث، ما يؤدي بمنظميه لإلغائه. ورغم أن الشرطة الجزائرية منعت تقدم متظاهرين غاضبين نحو السفارة الأمريكية عشية صدور فيلم مسيء للرسول الكريم، إلا أن التقرير الأمريكي يضم هذه الحادثة إلى الأمثلة الخاصة بتقييد حق التظاهر، ويشيد فقط بأن الشرطة فرقت المتظاهرين سلميا. وفي سياق آخر، يعاين تقرير كتابة الدولة للخارجية الأمريكية الملف الأمني، بجرد أعمال إرهابية استهدفت أجهزة نظامية. وتعتقد الخارجية الأمريكية أن قوات الجيش الجزائري قضت على نحو 100 إرهابي العام الماضي يشتبه في انتمائهم للقاعدة. ويلحظ أن النشاط الإرهابي ما يزال متمركزا في منطقة القبائل مع ظهور تنظيم جديد في الساحل الإفريقي ''حركة التوحيد والجهاد'' اعتدى على مقر للدرك في تمنراست بواسطة سيارة ملغمة. وأبرز الملفات التي يسهب التقرير في التعرض لها، مسألة احتجاز الأشخاص من قبل مصالح الأمن، معتبرا ذلك بأنه ''اختفاء قسري''. وذكر التقرير أن ''حالات الاختفاء المبلغ عنها بشكل عام تتعلق بأفراد قبضت عليهم مصالح الأمن قبل أن يتم إبلاغ ذويهم في وقت لاحق''. وينقل التقرير في سياق آخر عن منظمة العفو الدولية مزاعم بوجود مراكز اعتقال سرية. وينتقد التقرير أيضا شروط الحبس في السجون، ويقول إن الظروف في السجون بشكل عام لا تفي بالمعايير الدولية. وتقدر الهيئة الأمريكية العدد الإجمالي التقريبي للسجناء ب55 ألفا عبر التراب الوطني، وأن المحتجزين الذين ينتظرون المحاكمة يمثلون 10 بالمائة من هذا المجموع، ما يفسر الاكتظاظ داخل السجون، بما أن القضاة يلجأون كثيرا للحبس الاحتياطي. ويقول التقرير إنه نادرا ما رفض القضاة طلبات النيابة العامة لتمديد الحبس الاحتياطي. ويشيد التقرير في سياق مختلف بحرية تصفح الأنترنت في الجزائر، لكنه في نفس الوقت ينتقد رقابة أجهزة الأمن للحسابات الإلكترونية لنشطاء سياسيين أو حقوقيين، ويشير إلى أن الصحافيين والكاريكاتوريين الجزائريين ''ينتقدون باستمرار الحكومة''، ويشير إلى أنه لم تحدث أية حالة تدخل للحكومة في مجال نشر وإصدار الكتب خلال سنة .2012