تتواصل الأزمة السياسية في تونس على خلفية المواجهة بين التيار السلفي والحكومة التي تقودها حركة النهضة المحسوبة على التيار الإسلامي، في أولى المؤشرات على تصدع التحالف بين حركة النهضة والتيار السلفي الذي ساندها للوصول إلى السلطة، على اعتبار أن التهديدات التي أطلقها المدعو سيف الله بن حسين، المعروف باسم ''أبو عياض''، في وجه مؤسسات الدولة التونسية تُنذر، حسب المتابعين للشأن التونسي، ببداية مواجهة عنيفة. بعث أبو عياض برسالة تهديد إلى الحكومة عبر الصفحة الرسمية لحركة ''أنصار الشريعة ''على موقع التواصل الاجتماعي ''الفايسبوك''، يدعو فيها أنصار الحركة إلى الصمود في مواجهة النظام: ''أنصحهم بعدم التراجع والتفريط في المكتسبات التي حققناها، مجرد التفكير في التراجع إنما هو عنوان للهزيمة''، مشيرا إلى استعداد الحركة لشن ''معارك شبيهة بمعارك أفغانستان''. تأتي هذه التهديدات في الوقت الذي تشن السلطات التونسية حملة واسعة ضد الجماعات السلفية الجهادية، بعد التأكد من انتماء عدد منها إلى تنظيم القاعدة، ومحاولاتها بعث العمل المسلح في تونس. وكانت قوات الأمن التونسي اشتبكت على الحدود الجزائرية مع جماعات إرهابية مسلحة. وقد تجدد الخلاف بين التيار السلفي والحكومة التونسية، على خلفية فض التجمعات غير المرخص لها التي نظمها التيار السلفي في الساحات العمومية في عدد من الولاياتالتونسية، والتي أطلق عليها ''خيام الدعوة''. وما فاقم من حجم الخلاف بين الحكومة والتيار السلفي، رفض الداخلية التونسية منح ترخيص لحركة ''أنصار الشريعة'' لتنظيم ملتقى فكري حول السلفية في تونس، والذي كان مقررا الأسبوع القادم بمدينة القيروان. وبينما أشار بيان لتنظيم ''أنصار الشريعة'' إلى تمسك الحركة بعقد الاجتماع والملتقى الفكري، دعا القيادي خميس الماجري، من جهته، إلى ''التعقل وعدم الانجرار إلى المواجهة مع الدولة''، دون الإتيان على ذكر إلغاء المؤتمر الذي قالت الحركة إنه سيشهد مشاركة أكثر من 30 ألفا من المنتسبين لحركة ''أنصار الشريعة'' في تونس، الأمر الذي دفع المراقبين إلى التحذير من تجدد الاشتباكات مع قوات الأمن التونسية، خاصة أن وزير الداخلية، لطفي بن جدو، أكد أن الوزارة لن تتسامح مع من ''يقيمون تجمعات دون رخص رسمية''. في هذه الأجواء من الاحتقان السياسي، نشرت منظمة ''هيومن رايتس ووتش'' الدولية بيانا عبّرت فيه عن ''قلقها'' من الصيغة المعدلة للدستور التونسي، إذ دعت المجلس التأسيسي المكلف بصياغة الدستور الجديد إلى إعادة النظر في بعض المواد، التي قالت عنها منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان إنها تتعارض مع الحريات الفردية.