تحصل على الاعتماد بتواطؤ مسؤولين أمر الوزير الأول، عبد المالك سلال، بمباشرة متابعات قضائية ضد المخبر الصيدلاني "سيفارمال" بباتنة، بعد أن تبين أنه كان ينشط خارج القانون، لعدم توفّره لا على مقر ولا مستودعات. ورغم هذا، تحصل على الاعتماد في ظروف غامضة، واستطاع أن يسوّق 5 أدوية صينية، اثنان منها للمستشفيات الجزائرية. «الجزائر بلد المعجزات".. طالما أن مخبرا صيدلانيا لا يتوفر على مقر ولا على مستودعات، استطاع تسويق خمسة أدوية، صينية الصنع، لفائدة المستشفيات الجزائرية. وتثبت وثيقة بحوزة "الخبر"، أن القضية تم معالجتها على أعلى مستوى، حيث أمر الوزير الأول وزير الصحة بمباشرة متابعات قضائية ضد المخبر المذكور لارتكابه تجاوزات خطيرة. القضية تم كشفها، حين تم إرسال لجنة تفتيش من القطاع إلى مقر إنتاج المخبر المدوّن في وثائق الاعتماد، فكانت صدمة أعضاء اللجنة كبيرة، حين وقفوا على مستودع مصنع من الزنك بمنطقة ريفية لا يتوفر فيه أي نشاط يمت للصيدلة لا من قريب أو من بعيد، رغم أنه منح للمخبر شهادة مطابقة؟ من منحها؟ السؤال يبقى مطروحا. في وثائق الاعتماد، دوّن صاحب أو صاحبو المخبر، عنوانا آخر لمستودع على أساس أنه مستودع لتخزين الأدوية في المنطقة الصناعية لباتنة، غير أن المستودع المعني يوم زيارة اللجنة، وكان ذلك يوم 27 فيفري المنصرم، كان تخزن فيه مواد البناء، من بلاط وغيرها. كما أن عنوان مقر المخبر المدوّن في مناقصة وطنية ودولية لاقتناء أدوية لفائدة الصيدلية المركزية للمستشفيات، اتضح أنها وهمية. وأخيرا، وحين تم الاستماع إلى مدير الصحة لولاية باتنة، قال إنه لا يملك أية معلومات عن هذا المخبر. ورغم كل هذا، استطاع "المخبر" تسويق خمسة أدوية من شركتين صينيتين هي "رانيتيدين 25 ملغ"، "سفداتاكسيم 1 غ«، "سيفمادال 10 غ« ونوعين من "سفازادلين 1 غ«، موجهة للاستعمال الاستشفائي فقط. هذه الأدوية تم تسجيلها سنة 2010 بعد استيرادها. وتشير الوثيقة التي بحوزتنا، إلى أن مدير الصيدلة بالوزارة، والأمين العام السابق للوزارة هم من قاما بتسجيل الأدوية، فهل تم احترام الإجراءات القانونية في هذه العملية؟ هنا أيضا يبقى السؤال مطروحا. "تواطؤ مسؤولين أمر مفروغ منه" أكد مصدر من وزارة الصحة، على ضوء الوثائق التي بحوزة "الخبر"، خاصة نتائج لجنة التفتيش التي تنقلت إلى باتنة، أن القضية تتعلق بتواطؤ مفضوح لمسؤولين من القطاع لتغطية نشاط هذا المخبر "الوهمي"، حيث قال نصدرنا "إن مباشرة نشاط إنتاج أو استيراد أدوية، يخضع لإجراءات صارمة، فيجب تقديم شهادات مطابقة، فكيف تحصل عليها أصحاب هذا المخبر؟ إن كان مقر الإنتاج مصنعا من زنك والمستودع فيه بلاط والمقر وهميا؟ إن لم يكن الأمر متعلقا بتواطؤ من قبل مسؤولين في وزارة الصحة". غير أن المصدر أعاب على أمرية سلال القاضية بمباشرة متابعات قضائية ضد المخبر، افتقارها لأمر فتح تحقيق داخلي عن الظروف التي سمحت لهذا المخبر بالنشاط واستيراد أدوية يتم تسجيلها وتسويقها. النقطة الأخرى، التي أثارت حفيظة و"غضب" محدّثنا، كون المخبر قام باستيراد أدوية من شركات صينية، ما يوحي بما لا يدع مجالا للشك، أنها أدوية مصنعة في الصين، غير أن الجزائر وطيلة السنوات الأخيرة تفادت استيراد أدوية من الصين خوفا من رداءة نوعيتها (المخابر الأوروبية والأمريكية تسيطر على قرابة 90 بالمائة من السوق الجزائرية)، فاقتصرت المبادلات الصحية بين البلدين، على استيراد المستلزمات الطبية، مثل الإبر، وحتى هذه الأخيرة اشتكت عدة مؤسسات صحية من رداءتها، فكان معهد باستور، يضيف نفس المصدر، يستورد إبرا من الصين منذ سنوات، غير أنه أوقف ذلك بعد تواصل إمداده من قبل المتعاملين الصينيين بنوعية رديئة جدا. وفي انتظار ما سيكشف عنه التحقيق القضائي والإجابة على بعض الأسئلة، كمن يقف وراء هذا المخبر؟ يظهر جليا أن المصالح الضيّقة أهم وأكبر من أية اعتبارات أخرى، بما فيها صحة الجزائريين.