تشارك الجزائر في الألعاب المتوسطية، التي افتتحت، أول أمس، بمدينة مرسين التركية، على أمل إزالة إحدى أسوأ صور مشاركاتها في الدورات المتوسطية من ذاكرة كل الجزائريين، عندما حلت في المركز ال 14، وراء ألبانيا في دورة بيسكارا الأخيرة. في الوقت الذي أكدت فيه وزارة الشباب والرياضة، أن عهد المشاركة من أجل المشاركة قد ولى للأبد، فإن ذلك لم يمنع من إدراج رياضات ضمن الوفد الجزائري للمشاركة في موعد مرسين المتوسطي، برغم أن فرصها في التتويج بميدالية واحدة فقط تكاد تكون منعدمة، بالنظر إلى تفوق البلدان التي تنتمي إلى الضفة الشمالية، فيها، مثلما هو الحال بالنسبة للألواح الشراعية والسباحة وكرة السلة والكرة الطائرة. وتبقى احتمالات فوز الجزائر بميداليات، تقتصر فقط على رياضات الملاكمة وألعاب القوى والجيدو، إلا في حال حدوث مفاجآت. وكان السبّاح نبيل كباب الوحيد القادر على منح ميدالية للجزائر، إلا أن صاحب الميدالية البرونزية في دورة بيسكارا الايطالية، تراجع عن المشاركة في الدورة الحالية، وسط تساؤلات عديدة، لم تستطع الاتحادية تقديم تفسيرا واحدا بشأنها. ومثلما جرت عليه العادة، فقد تفادى ممثلو الاتحاديات تقديم توقعات متفائلة بشأن المشاركة الجزائرية في الموعد المتوسطي، خشية الوقوع في الإحراج في حال عدم الحصول على نتائج تتطابق مع التوقعات، برغم إلحاح “الخبر” عليهم، فيما تحفّظ أشجعهم عن تقديم توقّعات متفائلة، مفضلين إنزال مستوى التوقعات إلى أدنى الدرجات. وكان مقررا أن تنظم اللجنة الأولمبية الجزائرية ندوة صحفية، بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة، قبل موعد تنقل أول دفعة للوفد الجزائري إلى تركيا، لتمكين الاتحاديات من تقديم توقعات الرياضيين، إلا أن الندوة الصحفية تم إلغاؤها لأسباب مجهولة. وتوجد الرياضة الجزائرية أمام مسؤولية كبيرة لتصحيح المسار العام للرياضة في الجزائر، بعد الصدمات الأخيرة التي شهدتها الجزائر في الألعاب الإفريقية بالعاصمة (مابوتو) والألعاب العربية في العاصمة (الدوحة)، وهي الصدمات التي وعد المسؤلون في الوزارة بتقديم المبررات وكشف المسؤوليات بشأنها بعد التحقيق في النتائج المحصل عليها في الموعدين القاري والعربي، إلا أن الانتظار طال ولم يرد أي تقرير عن التحقيق. واكتفت الجزائر في دورة بيسكارا المتوسطية بايطاليا، قبل أربع سنوات، بالحصول على 17 ميدالية، منها ذهبيتان و3 فضيات فقط، وهي الدورة التي أثارت جدلا كبيرا بشأن نتائج التمثيل الجزائري، على اعتبار أن الوزارة صرفت وقتها الملايير لجعل المشاركة الجزائرية في أفضل الأحوال، مثلما كان عليه الحال بالنسبة للمشاركة الجزائرية في أولمبياد لندن (2012). وبالمقابل، كانت حصيلة الجزائر في المجموع العام سيئة بكل المقاييس، وأصبحت معها بلدان متواضعة ماديا وبشريا تتنافس معها على الفوز بالميداليات في كل الرياضات. ويمثل الجزائر في الألعاب المتوسطية 171 رياضيا في 17 اختصاصا. وتشمل اختصاصات: ألعاب القوى، الكرة الحديدية، الملاكمة، الدرجات، الجمباز، رفع الأثقال، كرة اليد (ذكور وسيدات)، كرة السلة (ذكور)، الكرة الطائرة (ذكور)، الجيدو، الكاراتيه، سباحة، الشراع، التجديف، المصارعة، الرماية الرياضية، الرماية بالقوس والرافل. مرسين تحتضن الموعد في ظروف خاصة يمثل تنظيم الألعاب المتوسطية تحديا أمنيا كبيرا لتركيا التي تشهد موجة احتجاجات وصدامات خطيرة، خاصة في مدينة أنقرة، فيما مال المتظاهرون في مدن أخرى إلى الاحتجاج عن طريق الوقوف صامتين في الشوارع، على طريقة التعامل العنيف للشرطة مع المتظاهرين. ويأتي تنظيم الألعاب في تركيا بعدما أخفقت في نيل تنظيم أولمبياد 1996، و2000، و2004، و2008 و2012. وتبقى تركيا مرشحة لقيادة ترتيب جدول الميداليات في نهاية الألعاب يوم 30 جوان الجاري، برغم المنافسة التي تفرضها عليها البلدان الأوربية، على رأسها إسبانيا وإيطاليا وفرنسا. وتريد تركيا أن تترك لمستها المميزة من خلال تنظيمها مجددا منافسات ألعاب البحر الأبيض المتوسط بعد 42 سنة من تنظيمها دورة بمدينة إزمير سنة 1971. وقد خصص المنظمون 54 موقعا رياضيا، منهم 11 منشأة جديدة اكتملت في ظرف 18 شهرا فقط. وكانت مرسين قد عوضت في آخر المطاف مدينة فولوس اليونانية، وهو ما تطلب قيام حكومة طيب أردوغان بتقديم 200 مليون أورو لتحضير وتنظيم هذه الطبعة، وتستقبل تركيا رياضيين من 24 بلدا ويتنافسون في 26 اختصاصا.