ارتفعت حصيلة ضحايا الاشتباكات بين الجيش اللبناني والميليشيا التابعة للشيخ السلفي أحمد الأسير، في ثاني يوم من المواجهات المسلحة التي تشهدها مدينة صيدا الساحلية بجنوب لبنان، وكانت تقارير لبنانية رسمية أكدت مقتل ما لا يقل عن 16 جنديا وإصابة أزيد من خمسين آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، فيما أشارت تقارير إخبارية إلى إصابة عدد من عناصر الميليشية السلفية بطلقات نارية قاتلة دون تحديد عدد القتلى. ويأتي هذا التصعيد الأمني على خلفية اعتقال أحد عناصر الجماعة المسلحة التابعة للشيخ الأسير، والذي اعتبره الأخير بمثابة استفزاز لجماعته، باعتبار أن عملية الاعتقال تمت بعد رفض المقبوض عليه تسليم سلاحه، الأمر الذي اعتبره الشيخ الأسير تواطؤا مع حزب الله، في إشارة إلى أن الجيش يسعى لنزع سلاح جماعته، فيما يترك السلاح في يد ميليشيا حزب الله، ما أدى إلى تطور الأوضاع ونشوب مواجهة بمحيط مسجد بلال بن رباح الذي يعد المقر الرئيسي للجماعة السلفية المسلحة. وكان الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، عقد مجلسا وزاريا طارئا دعا خلاله الجيش إلى تطويق المنطقة، وقال في بيان له إن الجيش “مستمر في تنفيذ العملية العسكرية لإنهاء مظاهر التسليح وإزالة المربع الأمني للشيخ الأسير”، في المقابل تحدثت المعلومات الواردة من لبنان أن المواجهات بلغت المخيم الفلسطيني بعين الحلوة. وعلى الصعيد السياسي، اهتزت الطبقة السياسية في لبنان والمنطقة العربية، محذرة من جر البلاد إلى فتنة طائفية، ودافعت عن الجيش ودوره في حماية البلاد، وهو ما دعت إليه النائب اللبنانية، بهية الحريري، مناشدة الجيش إنقاذ المحاصرين في مدينة صيدا، حيث تقيم، فيما قدم رئيس كتلة المستقبل النيابية، فؤاد السنيورة، مبادرة لوقف المعارك في المدينة، تتضمن منع التجول في صيدا، وسحب السلاح وتسليم المعتدين على الجيش. من جانبه، حمّل زعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، حزب الله مسؤولية التصعيد الأمني بسبب رفضه تسوية قضية نزع السلاح، على حد قوله في بيان صادر عن مكتبه بالأمس، كما أشاد في ذات البيان بالجيش اللبناني مطالبا إياه بعدم التسامح مع من “يهدد أمن البلاد”، كما حمل رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، السلطات اللبنانية مسؤولية التدهور الأمني، مشيرا في حديثه للإعلام أن المسؤولين تغاضوا عن تهديدات الشيخ السلفي والتي عرفت تصعيدا غير مسبوق في الفترة الأخيرة على خلفية الأزمة السورية، معتبرا أن الحكومة لم تقم بواجبها في ضبط اللاجئين السوريين الذين انضموا إلى الميليشيا المسلحة للشيخ السلفي، باعتباره من دعاة محاربة نظام الأسد، الأمر الذي جعله في خط المواجهة مع حزب الله المساند للنظام السوري. الجدير بالذكر أن الجامعة العربية أدانت استهداف الجيش اللبناني، في بيان صادر عن الأمين العام للجامعة، نبيل العربي، الذي اعتبر أن الاعتداء على الجيش هو بمثابة اعتداء على الدولة اللبنانية، لما يمثله من ضمان للوحدة الوطنية، وهو نفس ما ذهب إليه العاهل السعودي، الملك عبد الله، الذي حذر من جر لبنان إلى حرب طائفية.