تدهور الوضع الأمني في جنوب لبنان وتحديدا في مدينة صيدا حيث قتل 12 عنصرا من الجيش اللبناني في اشتباكات مع مسلحين من أنصار رجل دين سني متشدد مناهض لحزب الله الشيعي، ما دفع الجيش إلى الرد على المسلحين لتندلع معارك بين الطرفين كانت حتى ساعة متأخرة من الليل لا تزال مستمرة. وذكر مراسل وكالة فرانس برس وبعض السكان في المنطقة أن أصوات الإنفجارات والنيران الرشاشة تسمع بغزارة، فيما تشاهد آليات الجيش تتنقل في أرجاء المدينة . وتواصلت الاشتباكات متقطعة واشتدت وتيرتها ليلا. وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام أن الاشتباكات تجددت في عبرا، بالقذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة المتوسطة، وسقط عدد من القذائف في وسط مدينة صيدا. وكان الجيش اللبناني اتهم "مجموعة مسلحة تابعة للشيخ أحمد الأسير ومن دون أي سبب بمهاجمة حاجز تابع للجيش اللبناني في بلدة عبرا - صيدا، ما أدى إلى استشهاد ضابطين واحد العسكريين وإصابة عدد آخر بجروح بالإضافة إلى تضرر عدد من الآليات العسكرية". وأوضح مصدر أمني محلي في جنوب لبنان أن اشتباكات اندلعت بعد إشكال بين الجيش ومسلحين من جماعة الأسير نتيجة توقيف حاجز للجيش سيارة تقل أشخاصا من جماعة الأسير. وقال امجد الأسير، شقيق احمد الأسير، مساء الأحد، إن شقيقه "لم يغادر مقره في عبرا، وأنه موجود في أرض المعركة إلى جانب أنصاره". وأضاف، بينما كانت تسمع أصوات الإنفجارات إلى جانبه عبر الهاتف، "هناك قصف عشوائي علينا. الجيش يقف إلى جانب حزب الله. سنقاوم إلى آخر لحظة، وحتى آخر قطرة دم". ونزح العديد من الأهالي من المنطقة، بينما اختبأ آخرون في الطبقات السفلية من الأبنية. وأقفلت المحال التجارية في عبرا وفي صيدا، وشلت الحركة في الشوارع. ووقع الحادث في محيط مسجد بلال بن رباح الذي يؤم فيه الأسير الصلاة، والمحاط منذ أشهر بتدابير أمنية مشددة على خلفية حوادث عدة تورط فيها الأسير وأنصاره مع الجيش اللبناني، ومع أنصار حزب الله الشيعي. وأكد الجيش انه لن يسكت عن "التعرض له سياسيا وعسكريا"، وأنه "سيضرب بيد من حديد من تسول له نفسه سفك دم الجيش". وقالت قيادة الجيش في بيان إنها حاولت "منذ أشهر إبعاد لبنان عن الحوادث السورية"، و"عدم قمع المجموعة التابعة للشيخ أحمد الأسير في صيدا، حرصاً على احتواء الفتنة والرغبة بالسماح لأي طرف سياسي بالتحرك والعمل تحت سقف القانون"، لكن "ما حصل في صيدا اليوم فاق كل التوقعات"، معتبرة أن "الجيش استهدف بدم بارد وبنية مقصودة لإشعال فتيل التفجير في صيدا". وطلبت القيادة من "قيادات صيدا السياسية والروحية ومرجعياتها ونوابها" التعبير "عن موقفها علنا بصراحة تامة، فإما أن تكون إلى جانب الجيش اللبناني لحماية المدينة وأهلها وسحب فتيل التفجير، وإما أن تكون إلى جانب مروجي الفتنة وقاتلي العسكريين". ولم يكن الأسير معروفا قبل نحو سنتين، لكنه برز إلى الواجهة نتيجة مواقفه المعارضة للنظام السوري ولحزب الله الشيعي المتحالف معه. وقد أثار الأسير الأسبوع الماضي ضجة عندما بادر أنصاره إلى إطلاق نار على شقق قريبة من المسجد يقول الأسير أن سكانها هم مسلحون من حزب الله يقومون بمراقبته. وحصل تبادل إطلاق نار مع مسلحين من أنصار حزب الله تسبب بمقتل رجل وإصابة آخرين. ويتهم الأسير الجيش اللبناني بالتساهل مع حزب الله والتشدد مع أنصاره. وتندرج أحداث اليوم ضمن سلسلة توترات أمنية متنقلة بين المناطق اللبنانية منذ أشهر على خلفية النزاع السوري. وقد تصاعدت حدتها منذ الكشف عن مشاركة حزب الله في المعارك السورية إلى جانب قوات النظام. وتتألف صيدا من غالبية سنية. وان كانت الشريحة الأكبر من سكانها مؤيدة إجمالا للزعيم السني سعد الحريري، فان سنة آخرين فيها يؤيدون حزب الله، ويتهمون تيار المستقبل برئاسة الحريري بالتعاطف مع الأسير. وفي طرابلس كبرى مدن شمال لبنان، أشعل مسلحون إطارات في عدد من الطرق وقطعوها تضامنا مع الأسير، في حين يجوب غيرهم الطرق بالسيارات مطلقين النار. ومساء أعلنت الوكالة الوطنية للإعلام أن مسلحين أطلقوا قذيفة "آر.بي .جي" على نقطة للجيش في طرابلس لم تؤد إلى إصابات، مؤكدة أن الجيش رد على مصادر النيران. واعتبارا من بعد ظهر الأحد انقطعت الكهرباء عن "جميع المناطق اللبنانية" بسبب عطل طرأ على خطين رئيسيين، كما أعلنت شركة الكهرباء العامة، مشيرة إلى أنه "من المرجح أن يكونا أصيبا خلال الأحداث الأمنية الجارية في صيدا وفق المعلومات الأولية في ظل تعذر وصول الفرق الفنية للكشف ميدانيا على الوضع".