دعا رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس أمس، إلى “دستور توافقي بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية”. وهو الهدف الذي دفع الأرسيدي حسب رئيسه، لاقتراح مشروع دستور دائم للنقاش. وقد اختتم هذا النقاش بالندوة الوطنية التي توجت الندوات الجهوية حول الموضوع. وفي هذا الاتجاه، كان حضور رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، الأول من نوعه في الساحة السياسية الوطنية غير المتعودة على تبادل الدعوات بين الإسلاميين والديمقراطيين، وإن كان مقري قد غادر القاعة أثناء حديث الممثل المغربي عن تجربة بلاده في تعديل الدستور وتحميله التيار الإسلامي هناك مسؤولية التأخر الذي مازال مسجلا في الدستور المغربي، فقد عاب لحسن أولحاج عميد كلية الحقوق في جامعة محمد الخامس على الإسلاميين “فرض البعد العربي الإسلامي” في الدستور الجديد، بينما فصلت كل الدساتير المغربية السابقة بين البعد العربي والبعد الإسلامي. ما اعتبره المتحدث “تراجعا” في الدستور المغربي الذي تم إقراره سنة 2011، حتى وإن حقق هذا الأخير تقدما بخصوص الأبعاد الأخرى المشكلة للهوية المغربية. ويقول لحسن أولحاج الذي شارك في اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور بصفته ممثلا ل“البيان الأمازيغي”: “إن دستور 2011 وضع الأمازيغية في صلب الهوية المغربية واعترف بالعنصر العبري، إضافة إلى الانتماء الإفريقي والمتوسطي”. أما مداخلة شوقي غادس الأمين العام للجمعية التونسية للقانون الدستوري، فكانت جد متشائمة بشأن المستقبل المؤسساتي التونسي، حيث توقع أن لا تقل آجال اكتمال المؤسسات عن آخر السنة المقبلة وربيع 2015، ما يعني أربع سنوات من المرحلة الانتقالية، معتبرا أن بلاده “لا تستطيع تحمل كل هذه المدة”. وأكثر من ذلك، يخشى شوقي غادس أن تعود تونس إلى مرحلة فرار بن علي. واستبعد المتحدث أن تنجح النهضة في تمرير مشروع مسودة الدستور، وعليه ستضطر الجمعية التونسية للتوجه مباشرة إلى الاستفتاء الشعبي. وفي حالة عدم حصول الدستور على الأغلبية، يقول شوقي غادس، لا توجد أي آلية تنص على كيفية تسيير هذا الوضع. وهو ما يجعله متخوفا من العودة إلى نقطة الصفر. وبخصوص الوضع في الجزائر، دعا محسن بلعباس إلى عدم التركيز على مسألة خلافة الرئيس بوتفليقة والعمل على “الخروج نهائيا من نظام العصب الذي طبعه العنف والرشوة والتزوير الانتخابي والتصفيات السياسية”، التي بلغت حد اغتيال رئيس دولة ممثل في الراحل محمد بوضياف الذي صادف موعد ندوة أمس الذكرى 21 لاغتياله. واعتبر رئيس الأرسيدي أن بوتفليقة الموجود حاليا على سرير المرض “دفع النظام إلى أقصى حدود منطقه القائم على الجهوية والتبديد وخنق الحريات”، وعليه يرفض أن يحمل بوتفليقة وحده مسؤولية الوضع في البلاد دون تبرئته من ذلك. وشدد بلعباس على ضرورة توفير ظروف تحضير المواعيد الانتخابية القادمة لجعلها “تحقق الاستقرار الاجتماعي وتعيد الشرعية للسلطة”. وقد غاب عن الندوة ممثل ليبيا المحامي الحارس يونس امحمد، وحضرت شخصيات حزبية ومسؤولة سابقا في أجهزة الدولة مثل كريم يونس رئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق ورئيس حزب جيل جديد، ونقابيين مثل رئيس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني مزيان مريان.