تسعى الجزائر إلى المرور سريعا إلى مرحلة صناعة للطائرات دون طيار، للمساهمة في تدعيم المراقبة الحدودية، إلى جانب تدعيم المراقبة الفضائية في سياق مواجهة التحديات الأمنية التي تعرفها المنطقة ومعظم البلدان المحيطة بالجزائر، والتي تتقاسم معها حدودا يصعب مراقبتها بالوسائل التقليدية، وتساهم في ارتفاع تكلفة العمليات. وأشارت مصادر حسنة الاطلاع، إلى أن السلطات الجزائرية تسعى إلى الاستفادة من خبرة عدد من البلدان التي تتحكم في تكنولوجيا الطائرات دون طيار، من بينها فرنسا والولايات المتحدة وجنوب إفريقيا، وإنها مهتمة بالانتقال إلى مرحلة صناعية بعد التجربة التي سمحت بتصنيع أول نموذج سيتم عرضه في الخامس جويلية الجاري بمدينة سيدي بلعباس. وسبق للجزائر مرارا أن أبدت اهتماما باقتناء نماذج من الطائرات دون طيار، لاسيما من الجانب الأمريكي والجنوب إفريقي. وتهدف الإستراتيجية الجديدة إلى استكمال المنظومة الرقابية التي عمد الجيش الوطني الشعبي إلى اعتمادها منذ الثمانينات من خلال إدماج البعد الرقابي في القوات الجوية الجزائرية، والتي أضحت واضحة، مع اقتناء طائرات سوخوي 24 أم بي وأم أر المجهزة بأنظمة مراقبة حساسة، تطورت أكثر مع إقامة السرب الخامس للاستطلاع في 2002، المدعم بطائرات ميغ 25 أر بي وطائرات دون طيار سيكر 1 و2 الجنوب إفريقية المصنوعة من قبل دينيل ديناميكس. ويأتي هذا التوجه الجديد في وقت برزت فيه عدة تحديات أمنية، نتيجة الأحداث التي تعرفها المنطقة بعد الحرب في ليبيا وتبعاتها والتدخل الفرنسي في مالي وتنامي نشاط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. كما يأتي في وقت تبدي فيه فرنسا اهتماما بالجوانب المتصلة بأنظمة المراقبة والمسح الجغرافي، وهو ما تجلى أساسا في قيام عدة وفود خاصة في جوان الماضي بزيارة إلى الجزائر. فالي جانب مجموعة تاليس التي حاولت استكشاف السوق الجزائري في هذا المجال، سجلت زيارات متعددة لمسؤولي وفود شركات متخصصة في القياس عن بعد والمسح التصويري، مثل “أنترغرافو”، وهي شركة مختصة في تسيير المعطيات الفضائية وتعمل بصورة وثيقة مع كتابة الدولة الأمريكية للدفاع “البنتاغون”، إلى جانب زيارات لشركات متخصصة في تحليل ومعالجة المعطيات الجغرافية. ورغم حساسية مجالات المراقبة الفضائية والجوية بالاستعانة بالطائرات دون طيار، ورغم توجه باريس سابقا إلى المغرب من خلال شركة تاليس لتزويدها بقمر اصطناعي للمراقبة، فإن باريس لم تحسم كافة خياراتها في هذا المجال، الذي يبقى مفتوحا، لاسيما وأن التحديات التي تعرفها المنطقة يمكن أن تكون لها مضاعفات. كما تأكد عدم كفاية الوسائل التقنية في مواجهة نزاعات وحروب لا متوازية وقوات غير تقليدية.