رمضان الخير يتطلَّب من المؤمن أن يتدرَّب من الآن على كثرة الذِّكر، وأن يتذكّر دائمًا أن مَثَل الّذي يذكُر ربَّه والّذي لا يذكر كمثل الحي والميت، وإنّ الذِّكر يزيل الوحشة بين العبد وربّه، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “إنّ ممّا تذكرون من جلال اللّه التّسبيح والتّهليل والتّحميد، يتعاطفن حول العرش لهنّ دوىٌّ كدويّ النّحل، يذكرن بصاحبهنّ، أفلا يحبّ أحدكم أن يكون له ممّا يذكر به”. وأنّ الإكثار من الذِّكر والدّوام عليه ينوب عن التطوّعات الكثيرة الّتي تستغرق الجهد والوقت، وفيها عوض لمن لا يستطيع أن يفعل الطّاعات بدليل ما جاء في الحديث الصّحيح: إنّ فقراء المهاجرين أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: يا رسول اللّه، ذهب أهل الدثور من الأموال بالدّرجات العُلا والنّعيم المقيم، يُصلُّون كما نُصلّي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضلٌ من أموال يحجّون بها ويعتمرون ويُجاهدون ويتصدّقون، قال: “ألا أحدّثُكم بأمر إن أخذتُم به أدركْتُم مَن سبقكم ولم يُدرككم أحد بَعدكم وكنتم خيرَ مَن أنتم بين ظهرانيه إلاّ مَن عمل مثله: تُسبِّحون وتحمدون وتكبّرون خلف كلّ صلاة”. كما أنّ الذِّكر يعطي قوّة في القلب وقوّة في البدن، ومن أجمل الأمور في الذِّكر والإكثار منه هو أنّ شواهد اللّه في أرضه تشهَد له، فالّذي يذكُر اللّه في قمة الجبل أو في الطريق أو في السيارة أو في البيت أو على الكرسي أو على الأرض قائمًا كان أو قاعدًا أو مضطجعًا على جنبه.. كلّ هذه الأماكن تشهد له عند اللّه. جاء في الحديث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ هذه الآية: {..يومئذ تُحَدِّثُ أخبارها} الزلزلة:4، قال: “أتدرون ما أخبارها؟” قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: “فإن أخبارها أن تَشهَد على كلّ عبد وأمّة بما عمل على ظهرها، أن تقول: عملتَ عليَّ كذا يوم كذا وكذا”.